[ ص: 201 ]
القول في تأويل قوله عز وجل (
واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين ( 27 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : واتل على هؤلاء
اليهود الذين هموا أن يبسطوا أيديهم إليكم ، وعلى أصحابك معك وعرفهم مكروه عاقبة الظلم والمكر ، وسوء مغبة الختر ونقض العهد ، وما جزاء الناكث وثواب الوافي خبر ابني
آدم ، هابيل وقابيل ، وما آل إليه أمر المطيع منهما ربه الوافي بعهده ، وما إليه صار أمر العاصي منهما ربه الخاتر الناقض عهده . فلتعرف بذلك
اليهود وخامة غب غدرهم ونقضهم ميثاقهم بينك وبينهم ، وهمهم
[ ص: 202 ] بما هموا به من بسط أيديهم إليك وإلى أصحابك ، فإن لك ولهم في حسن ثوابي وعظم جزائي على الوفاء بالعهد الذي جازيت المقتول الوافي بعهده من ابني
آدم ، وعاقبت به القاتل الناكث عهده عزاء جميلا .
واختلف أهل العلم في سبب تقريب ابني
آدم القربان ، وسبب قبول الله عز وجل ما تقبل منه ، ومن اللذان قربا؟
فقال بعضهم : كان ذلك عن أمر الله جل وعز إياهما بتقريبه ، وكان سبب القبول أن المتقبل منه قرب خير ماله ، وقرب الآخر شر ماله ، وكان المقربان ابني
آدم لصلبه ، أحدهما :
هابيل ، والآخر :
قابيل .
ذكر من قال ذلك :
11704 - حدثني
المثنى بن إبراهيم قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الله بن أبي جعفر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد ، عن
إسماعيل بن رافع قال : بلغني أن ابني
آدم لما أمرا بالقربان ، كان أحدهما صاحب غنم ، وكان أنتج له حمل في غنمه ، فأحبه حتى كان يؤثره بالليل ، وكان يحمله على ظهره من حبه ، حتى لم يكن له مال أحب إليه منه . فلما أمر بالقربان قربه لله فقبله الله منه ، فما زال يرتع في الجنة حتى فدي به ابن
إبراهيم صلى الله عليهما .
11705 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
محمد بن جعفر قال : حدثنا
عوف ، عن
أبي المغيرة ، عن
عبد الله بن عمرو قال : إن ابني
آدم اللذين قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر ، كان أحدهما صاحب حرث ،
[ ص: 203 ] والآخر صاحب غنم . وأنهما أمرا أن يقربا قربانا وإن صاحب الغنم قرب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها طيبة بها نفسه وإن صاحب الحرث قرب شر حرثه ، [ الكوزن ] والزوان ، غير طيبة بها نفسه وإن الله تقبل قربان صاحب الغنم ، ولم يتقبل قربان صاحب الحرث . وكان من قصتهما ما قص الله في كتابه . وقال : أيم الله ، إن كان المقتول لأشد الرجلين ، ولكن منعه التحرج أن يبسط يده إلى أخيه .
وقال آخرون : لم يكن ذلك من أمرهما عن أمر الله إياهما به .
ذكر من قال ذلك :
11706 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني
أبي قال : حدثني
عمي قال : حدثني
أبي ، عن
أبيه ، عن
ابن عباس قال : كان من شأنهما أنه لم يكن مسكين يتصدق عليه ، وإنما كان القربان يقربه الرجل . فبينا ابنا
آدم قاعدان إذ قالا : "لو قربنا قربانا"! وكان الرجل إذا قرب قربانا فرضيه الله جل وعز ، أرسل إليه نارا فأكلته . وإن لم يكن رضيه الله ، خبت النار . فقربا قربانا ، وكان أحدهما راعيا ، وكان الآخر حراثا ، وإن صاحب الغنم قرب خير غنمه وأسمنها ، وقرب الآخر بعض زرعه . فجاءت النار فنزلت بينهما ، فأكلت الشاة وتركت
[ ص: 204 ] الزرع ، وإن ابن آدم قال لأخيه : أتمشي في الناس وقد علموا أنك قربت قربانا فتقبل منك ، ورد علي؟ فلا والله لا تنظر الناس إلي وإليك وأنت خير مني!! فقال : لأقتلنك! فقال له أخوه : ما ذنبي؟ إنما يتقبل الله من المتقين .
11707 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى قال : حدثنا
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله : "إذ قربا قربانا" ، قال : ابنا آدم ،
هابيل وقابيل ، لصلب
آدم . فقرب أحدهما شاة ، وقرب الآخر بقلا فقبل من صاحب الشاة ، فقتله صاحبه .
11708 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
11709 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
سفيان ، عن
منصور ، عن
مجاهد في قوله : "
واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا " قال :
هابيل وقابيل ، فقرب
هابيل عناقا من أحسن غنمه ، وقرب
قابيل زرعا من زرعه . قال : فأكلت النار العناق ، ولم تأكل الزرع ، فقال : لأقتلنك! قال : إنما يتقبل الله من المتقين .
11710 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا رجل سمع
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا في قوله
واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا " قال : هو
هابيل ، وقابيل لصلب
آدم ، قربا قربانا ، قرب أحدهما شاة من غنمه ، وقرب الآخر بقلا فتقبل من صاحب الشاة ، فقال لصاحبه : لأقتلنك! فقتله . فعقل الله إحدى رجليه بساقها إلى فخذها إلى يوم القيامة ، وجعل وجهه إلى الشمس حيثما دارت ، عليه حظيرة من ثلج في الشتاء ، وعليه في الصيف حظيرة من نار ، ومعه
[ ص: 205 ] سبعة أملاك ، كلما ذهب ملك جاء الآخر .
11711 - حدثنا
سفيان قال : حدثنا
أبي ، عن
سفيان ح ، وحدثنا
هناد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس : "واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر" ، قال : قرب هذا كبشا ، وقرب هذا صبرا من طعام ، فتقبل من أحدهما ، قال : تقبل من صاحب الشاة ، ولم يتقبل من الآخر .
11712 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس : "
واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر " ، كان رجلان من بني آدم ، فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر .
11713 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
عبيد الله ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16796فضيل بن مرزوق ، عن
عطية واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق " ، قال : كان أحدهما اسمه
قابيل ، والآخر
هابيل ، أحدهما صاحب غنم ، والآخر صاحب زرع ، فقرب هذا من أمثل غنمه حملا وقرب هذا من أرذل زرعه ، قال : فنزلت النار فأكلت الحمل ، فقال لأخيه : لأقتلنك!
11714 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول : أن
آدم أمر ابنه
قابيل أن ينكح أخته تؤمه
هابيل ، وأمر
هابيل أن ينكح أخته تؤمه
قابيل ، فسلم لذلك
هابيل ورضي ، وأبى
قابيل [ ص: 206 ] ذلك وكره ، تكرما عن أخت
هابيل ، ورغب بأخته عن
هابيل ، وقال : نحن ولادة الجنة ، وهما من ولادة الأرض ، وأنا أحق بأختي! ويقول بعض أهل العلم بالكتاب الأول : كانت أخت
قابيل من أحسن الناس ، فضن بها عن أخيه وأرادها لنفسه . فالله أعلم أي ذلك كان فقال له أبوه : يا بني إنها لا تحل لك! فأبى
قابيل أن يقبل ذلك من قول أبيه ، فقال له أبوه : يا بني فقرب قربانا ، ويقرب أخوك
هابيل قربانا ، فأيكما قبل الله قربانه فهو أحق بها . وكان
قابيل على بذر الأرض ، وكان
هابيل على رعاية الماشية ، فقرب
قابيل قمحا وقرب
هابيل أبكارا من أبكار غنمه وبعضهم يقول : قرب بقرة فأرسل الله جل وعز نارا بيضاء فأكلت قربان
هابيل ، وتركت قربان
قابيل ، وبذلك كان يقبل القربان إذا قبله .
11715 - حدثني
موسى بن هارون قال : حدثنا
عمرو بن حماد قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي فيما ذكر ، عن
أبي مالك وعن
أبي صالح ، عن
ابن عباس ، وعن
مرة ، عن
ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : وكان لا يولد
لآدم مولود إلا ولد معه جارية ، فكان يزوج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآخر ، ويزوج جارية هذا البطن غلام هذا البطن الآخر . حتى ولد له ابنان يقال لهما :
قابيل ، وهابيل . وكان
قابيل صاحب زرع ، وكان
[ ص: 207 ] هابيل صاحب ضرع . وكان
قابيل أكبرهما ، وكان له أخت أحسن من أخت
هابيل . وإن
هابيل طلب أن ينكح أخت
قابيل ، فأبى عليه وقال : هي أختي ، ولدت معي ، وهي أحسن من أختك ، وأنا أحق أن أتزوجها! فأمره أبوه أن يزوجها
هابيل ، فأبى . وإنهما قربا قربانا إلى الله أيهما أحق بالجارية ، كان
آدم يومئذ قد غاب عنهما إلى
مكة ينظر إليها ، قال الله عز ذكره
لآدم : يا
آدم ، هل تعلم أن لي بيتا في الأرض؟ قال : اللهم لا! قال : فإن لي بيتا
بمكة فأته . فقال
آدم للسماء : "احفظي ولدي بالأمانة" ، فأبت . وقال للأرض ، فأبت . وقال للجبال فأبت . وقال
لقابيل ، فقال : نعم ، تذهب وترجع وتجد أهلك كما يسرك . فلما انطلق
آدم ، قربا قربانا ، وكان
قابيل يفخر عليه فقال : أنا أحق بها منك ، هي أختي ، وأنا أكبر منك ، وأنا وصي والدي! فلما قربا ، قرب
هابيل جذعة سمينة ، وقرب
قابيل حزمة سنبل ، فوجد فيها سنبلة عظيمة ، ففركها فأكلها . فنزلت النار فأكلت قربان
هابيل ، وتركت قربان
قابيل ، فغضب وقال : لأقتلنك حتى لا تنكح أختي! فقال
هابيل : إنما يتقبل الله من المتقين .
11716 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : "
واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق " ، ذكر لنا أنهما
هابيل ، وقابيل . فأما
هابيل ، فكان صاحب ماشية ، فعمد إلى خير ماشيته فتقرب بها ، فنزلت عليه نار فأكلته ، وكان القربان إذا تقبل منهم ، نزلت عليه نار فأكلته . وإذا رد عليهم أكلته الطير والسباع وأما
قابيل ، فكان صاحب زرع ، فعمد إلى أردإ زرعه فتقرب به ، فلم تنزل عليه النار ، فحسد أخاه عند ذلك فقال : لأقتلنك! قال : إنما يتقبل الله من المتقين .
11717 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
[ ص: 208 ] معمر ، عن
قتادة في قوله : "
واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق " ، قال : هما
هابيل ، وقابيل ، قال : كان أحدهما صاحب زرع ، والآخر صاحب ماشية ، فجاء أحدهما بخير ماله ، وجاء الآخر
بشر ماله . فجاءت النار فأكلت قربان أحدهما ، وهو
هابيل ، وتركت قربان الآخر ، فحسده فقال : لأقتلنك!
11718 - حدثنا
سفيان قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ، عن
سفيان ، عن
منصور ، عن
مجاهد : "
إذ قربا قربانا " ، قال : قرب هذا زرعا ، وذا عناقا ، فتركت النار الزرع وأكلت العناق .
وقال آخرون : اللذان قربا قربانا ، وقص الله عز ذكره قصصهما في هذه الآية : رجلان من بني إسرائيل ، لا من ولد
آدم لصلبه .
ذكر من قال ذلك :
11719 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
سهل بن يوسف ، عن
عمرو ، عن
الحسن قال : كان الرجلان اللذان في القرآن ، اللذان قال الله : "
واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق " ، من بني إسرائيل ، ولم يكونا ابني
آدم لصلبه ، وإنما كان القربان في بني إسرائيل ، وكان
آدم أول من مات .
قال
أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب أن اللذين قربا القربان كانا ابني
آدم لصلبه ، لا من ذريته من بني إسرائيل . وذلك أن الله عز وجل يتعالى عن أن يخاطب عباده بما لا يفيدهم به فائدة ، والمخاطبون بهذه الآية كانوا عالمين أن تقريب القربان لله لم يكن إلا في ولد
آدم ، دون الملائكة والشياطين
[ ص: 209 ] وسائر الخلق غيرهم . فإذ كان معلوما ذلك عندهم ، فمعقول أنه لو لم يكن معنيا ب"ابني آدم" اللذين ذكرهما الله في كتابه ابناه لصلبه لم يفدهم بذكره جل جلاله إياهما فائدة لم تكن عندهم . وإذ كان غير جائز أن يخاطبهم خطابا لا يفيدهم به معنى ، فمعلوم أنه عنى ب"ابني آدم" ، [ ابني آدم لصلبه ] ، لا بني بنيه الذين بعد منه نسبهم ، مع إجماع أهل الأخبار والسير والعلم بالتأويل على أنهما كانا ابني آدم لصلبه ، وفي عهد آدم وزمانه ، وكفى بذلك شاهدا .
وقد ذكرنا كثيرا ممن نص عنه القول بذلك ، وسنذكر كثيرا ممن لم يذكر إن شاء الله .
11720 - حدثنا
مجاهد بن موسى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون قال : حدثنا
حسام بن المصك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16650عمار الدهني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد قال : لما قتل ابن
آدم أخاه مكث
آدم مائة سنة حزينا لا يضحك ، ثم أتي فقيل له : حياك الله وبياك! فقال : "بياك" ، أضحكك .
11721 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
غياث بن إبراهيم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق الهمداني قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضوان الله عليه : لما قتل ابن
آدم أخاه بكى
آدم ، فقال :
تغيرت البلاد ومن عليها فلون الأرض مغبر قبيح تغير كل ذي لون وطعم
وقل بشاشة الوجه المليح
[ ص: 210 ]
فأجيب
آدم عليه السلام :
أبا هابيل قد قتلا جميعا وصار الحي كالميت الذبيح
وجاء بشرة قد كان منها على خوف فجاء بها يصيح
قال
أبو جعفر : وأما القول في تقريبهما ما قربا ، فإن الصواب فيه من القول أن يقال : إن الله عز ذكره أخبر عباده عنهما أنهما قد قربا ، ولم يخبر أن تقريبهما ما قربا كان عن أمر الله إياهما به ، ولا عن غير أمره . وجائز أن يكون كان عن أمر الله إياهما بذلك وجائز أن يكون عن غير أمره . غير أنه أي ذلك كان ، فلم يقربا ذلك إلا طلب قربة إلى الله إن شاء الله .
وأما
تأويل قوله : "قال لأقتلنك" ، فإن معناه : قال الذي لم يتقبل منه قربانه ، للذي تقبل منه قربانه : "لأقتلنك" ، فترك ذكر "المتقبل قربانه" ، و"المردود عليه قربانه" استغناء بما قد جرى من ذكرهما عن إعادته . وكذلك ترك ذكر "المتقبل قربانه" مع قوله : " قال إنما يتقبل الله من المتقين " .
وبنحو ما قلنا في ذلك روي الخبر عن
ابن عباس .
11722 - حدثنا
محمد بن سعد قال : حدثني
أبي قال : حدثني
عمي قال : حدثني
أبي ، عن
أبيه ، عن
ابن عباس : "قال لأقتلنك" ، فقال له أخوه : ما ذنبي؟ إنما يتقبل الله من المتقين .
[ ص: 211 ]
11723 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : "
إنما يتقبل الله من المتقين " ، قال يقول : إنك لو اتقيت الله في قربانك تقبل منك ، جئت بقربان مغشوش بأشر ما عندك ، وجئت أنا بقربان طيب بخير ما عندي . قال : وكان قال : يتقبل الله منك ولا يتقبل مني!
ويعني بقوله : "من المتقين" ، من الذين اتقوا الله وخافوه بأداء ما كلفهم من فرائضه ، واجتناب ما نهاهم عنه من معصيته .
وقد قال جماعة من أهل التأويل : "المتقون" في هذا الموضع الذين اتقوا الشرك .
ذكر من قال ذلك :
11724 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح قال : حدثنا
عبيد بن سليمان ، عن
الضحاك قوله : "
إنما يتقبل الله من المتقين " ، الذين يتقون الشرك .
وقد بينا معنى "القربان" فيما مضى وأنه "الفعلان" من قول القائل : "قرب" ، كما "الفرقان" "الفعلان" من "فرق" ، و"العدوان" من "عدا" .
وكانت قرابين الأمم الماضية قبل أمتنا كالصدقات ، والزكوات فينا غير أن قرابينهم كان يعلم المتقبل منها وغير المتقبل فيما ذكر بأكل النار ما تقبل منها ، وترك النار ما لم يتقبل منها . و"القربان" في أمتنا الأعمال الصالحة من الصلاة ، والصيام ، والصدقة على أهل المسكنة ، وأداء الزكاة المفروضة . ولا سبيل
[ ص: 212 ] لها إلى العلم في عاجل بالمتقبل منها والمردود .
وقد ذكر عن
عامر بن عبد الله العنبري ، أنه حين حضرته الوفاة بكى ، فقيل له : ما يبكيك؟ فقد كنت وكنت! فقال : يبكيني أني أسمع الله يقول : "
إنما يتقبل الله من المتقين " .
11725 - حدثني بذلك
محمد بن عمر المقدمي قال : حدثني
سعيد بن عامر ، عن
همام ، عمن ذكره ، عن
عامر .
وقد قال بعضهم : قربان المتقين الصلاة .
11726 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث ، عن
عمران بن سليمان ، عن
عدي بن ثابت قال : كان قربان المتقين الصلاة .