القول في تأويل قوله عز ذكره (
إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم ( 36 ) )
قال
أبو جعفر : يقول عز ذكره : إن الذين جحدوا ربوبية ربهم وعبدوا غيره ، من بني إسرائيل الذين عبدوا العجل ، ومن غيرهم الذين عبدوا الأوثان والأصنام ، وهلكوا على ذلك قبل التوبة لو أن لهم ملك ما في الأرض كلها وضعفه معه ، ليفتدوا به من عقاب الله إياهم على تركهم أمره ، وعبادتهم غيره يوم القيامة ، فافتدوا بذلك كله ، ما تقبل الله منهم ذلك فداء وعوضا من عذابهم وعقابهم ، بل هو معذبهم في حميم يوم القيامة عذابا موجعا لهم .
[ ص: 293 ]
وإنما هذا إعلام من الله جل ثناؤه
لليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنهم وغيرهم من سائر المشركين به ، سواء عنده فيما لهم من العذاب الأليم والعقاب العظيم . وذلك أنهم كانوا يقولون : (
لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ) ، اغترارا بالله جل وعز وكذبا عليه . فكذبهم تعالى ذكره بهذه الآية وبالتي بعدها ، وحسم طمعهم ، فقال لهم ولجميع الكفرة به وبرسوله : "
إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم " ، يقول لهم جل ثناؤه : فلا تطمعوا أيها الكفرة في قبول الفدية منكم ، ولا في خروجكم من النار بوسائل آبائكم عندي بعد دخولكموها ، إن أنتم متم على كفركم الذي أنتم عليه ، ولكن توبوا إلى الله توبة نصوحا .