قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية .
فقال بعضهم : نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر ، بقوله لبني قريظة حين حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم : "إنما هو الذبح ، فلا تنزلوا على حكم سعد " .
[ ص: 302 ] ذكر من قال ذلك :
11918 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : " لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم " ، قال : نزلت في رجل من الأنصار زعموا أنه أبو لبابة أشارت إليه بنو قريظة يوم الحصار ، ما الأمر؟ وعلام ننزل ؟ فأشار إليهم أنه الذبح .
وقال آخرون : بل نزلت في رجل من اليهود سأل رجلا من المسلمين يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكمه في قتيل قتله .
ذكر من قال ذلك :
11919 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا محمد بن بشر ، عن زكريا ، عن عامر : " لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر " ، قال : كان رجل من اليهود قتله رجل من أهل دينه ، فقال القاتل لحلفائهم من المسلمين : سلوا لي محمدا صلى الله عليه وسلم ، فإن بعث بالدية اختصمنا إليه ، وإن كان يأمرنا بالقتل لم نأته . 11920 - حدثنا المثنى قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون قال : أخبرنا هشيم ، عن زكريا ، عن عامر ، نحوه . [ ص: 303 ]
وقال آخرون : بل نزلت في عبد الله بن صوريا ، وذلك أنه ارتد بعد إسلامه .
11923 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري قال : كنت جالسا عند nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، وعند سعيد رجل يوقره ، فإذا هو رجل من مزينة كان أبوه شهد الحديبية ، وكان من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
11926 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " آمنا بأفواههم " قال يقول : هم المنافقون " سماعون لقوم آخرين " ، قال : هم أيضا سماعون لليهود . [ ص: 308 ]
قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال في ذلك عندي بالصواب ، أن يقال : عني بقوله : " لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم " ، قوم من المنافقين . وجائز أن يكون كان ممن دخل في هذه الآية ابن صوريا ، وجائز أن يكون أبو لبابة وجائز أن يكون غيرهما ، غير أن أثبت شيء روي في ذلك ، ما ذكرناه من الرواية قبل عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء بن عازب ، لأن ذلك عن رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإذا كان ذلك كذلك ، كان الصحيح من القول فيه أن يقال : عني به عبد الله بن صوريا .
وإذا صح ذلك ، كان تأويل الآية : يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في جحود نبوتك ، والتكذيب بأنك لي نبي ، من الذين قالوا : "صدقنا بك يا محمد أنك لله رسول مبعوث ، وعلمنا بذلك يقينا ، بوجودنا صفتك في كتابنا" .
وذلك أن في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الذي رواه ابن إسحاق عن الزهري : أن ابن صوريا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما والله يا أبا القاسم ، إنهم ليعلمون أنك نبي مرسل ، ولكنهم يحسدونك" . فذلك كان على هذا الخبر من ابن صوريا إيمانا برسول الله صلى الله عليه وسلم بفيه ، ولم يكن مصدقا لذلك بقلبه . فقال الله جل وعز لنبيهمحمد صلى الله عليه وسلم ، مطلعه على ضمير ابن صوريا وأنه لم يؤمن بقلبه ، يقول : ولم يصدق قلبه بأنك لله رسول مرسل .