القول في تأويل قوله تعالى (
وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ( 45 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : ( وإنها ) ، وإن الصلاة ، ف " الهاء والألف " في " وإنها " عائدتان على " الصلاة " . وقد قال بعضهم : إن قوله : ( وإنها ) بمعنى : إن إجابة
محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يجر لذلك بلفظ الإجابة ذكر فتجعل " الهاء والألف " كناية عنه ، وغير جائز ترك الظاهر المفهوم من الكلام إلى باطن لا دلالة على صحته .
ويعني بقوله : ( لكبيرة ) : لشديدة ثقيلة . كما : -
856 - حدثني
يحيى بن أبي طالب ، قال : أخبرنا
ابن يزيد ، قال : أخبرنا
جويبر ، عن
الضحاك ، في
قوله : ( وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ) قال : إنها لثقيلة .
[ ص: 16 ] ويعني بقوله : ( إلا على الخاشعين ) : إلا على الخاضعين لطاعته ، الخائفين سطواته ، المصدقين بوعده ووعيده . كما : -
856 - حدثني
المثنى بن إبراهيم ، قال : حدثنا
عبد الله بن صالح ، قال : حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : ( إلا على الخاشعين ) يعني المصدقين بما أنزل الله .
857 - وحدثني
المثنى ، قال : حدثنا
آدم العسقلاني ، قال : حدثنا
أبو جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية في قوله : ( إلا على الخاشعين ) قال : يعني الخائفين .
858 - وحدثني
محمد بن عمرو ، قال : حدثنا
أبو عاصم ، قال : حدثنا
سفيان ، عن
جابر ، عن
مجاهد : ( إلا على الخاشعين ) قال : المؤمنين حقا .
859 - وحدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة ، قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
860 - وحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد : الخشوع : الخوف والخشية لله . وقرأ قول الله : (
خاشعين من الذل ) [ الشورى : 45 ] قال : قد أذلهم الخوف الذي نزل بهم ، وخشعوا له .
[ ص: 17 ] وأصل " الخشوع " : التواضع والتذلل والاستكانة ، ومنه قول الشاعر :
لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع
يعني : والجبال خشع متذللة لعظم المصيبة بفقده .
فمعنى الآية : واستعينوا أيها الأحبار من أهل الكتاب بحبس أنفسكم على طاعة الله ، وكفها عن معاصي الله ، وبإقامة الصلاة المانعة من الفحشاء والمنكر ، المقربة من مراضي الله ، العظيمة إقامتها إلا على المتواضعين لله ، المستكينين لطاعته ، المتذللين من مخافته .