القول في تأويل قوله (
وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون ( 62 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : " وترى " يا
محمد "كثيرا " ، من هؤلاء
اليهود الذين قصصت عليك نبأهم من بني إسرائيل" يسارعون في الإثم والعدوان " ، يقول : يعجلون بمواقعة الإثم .
وقيل : إن "الإثم " في هذا الموضع ، معني به الكفر .
12235 - حدثني
محمد بن الحسين قال ، حدثنا
أحمد بن مفضل قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في قوله : "
وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان " ، قال : "الإثم " ، الكفر .
12236 - حدثنا
بشر بن معاذ قال ، حدثنا
يزيد قال ، حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : "
وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان " ، وكان هذا في حكام اليهود بين أيديكم
.
[ ص: 447 ] 12237 - حدثني
يونس قال ، أخبرنا
ابن وهب قال ، قال
ابن زيد في قوله : "
يسارعون في الإثم والعدوان " ، قال : هؤلاء اليهود "
لبئس ما كانوا يعملون " (
لولا ينهاهم الربانيون ) ، إلى قوله : (
لبئس ما كانوا يصنعون ) ، قال : "يصنعون " و"يعملون " واحد . قال : لهؤلاء حين لم ينهوا ، كما قال لهؤلاء حين عملوا .
قال : وذلك الإدهان .
قال
أبو جعفر : وهذا القول الذي ذكرناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، وإن كان قولا غير مدفوع جواز صحته ، فإن الذي هو أولى بتأويل الكلام : أن يكون القوم موصوفين بأنهم يسارعون في جميع معاصي الله ، لا يتحاشون من شيء منها ، لا من كفر ولا من غيره . لأن الله تعالى ذكره عم في وصفهم بما وصفهم به من أنهم يسارعون في الإثم والعدوان ، من غير أن يخص بذلك إثما دون إثم .
وأما " العدوان " ، فإنه مجاوزة الحد الذي حده الله لهم في كل ما حده لهم .
وتأويل ذلك : أن هؤلاء اليهود الذين وصفهم في هذه الآيات بما وصفهم به تعالى ذكره ، يسارع كثير منهم في معاصي الله وخلاف أمره ، ويتعدون حدوده التي حد لهم فيما أحل لهم وحرم عليهم ، في أكلهم " السحت " وذلك الرشوة التي يأخذونها من الناس على الحكم بخلاف حكم الله فيهم .
يقول الله تعالى ذكره : "
لبئس ما كانوا يعملون " ، يقول : أقسم لبئس العمل ما كان هؤلاء اليهود يعملون ، في مسارعتهم في الإثم والعدوان ، وأكلهم السحت .
[ ص: 448 ]