القول في تأويل قوله (
كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : كلما جمع أمرهم على شيء فاستقام واستوى ، فأرادوا مناهضة من ناوأهم ، شتته الله عليهم وأفسده لسوء فعالهم وخبث نياتهم ، كالذي : -
[ ص: 459 ] 12251 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
إسحاق قال ، حدثنا
عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع في قوله : (
لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم ) [ سورة الإسراء : 4 - 6 ] ، قال : كان الفساد الأول ، فبعث الله عليهم عدوا فاستباحوا الديار ، واستنكحوا النساء ، واستعبدوا الولدان ، وخربوا المسجد . فغبروا زمانا ، ثم بعث الله فيهم نبيا وعاد أمرهم إلى أحسن ما كان . ثم كان الفساد الثاني بقتلهم الأنبياء ، حتى قتلوا
يحيى بن زكريا ، فبعث الله عليهم
بختنصر ، فقتل من قتل منهم ، وسبى من سبى ، وخرب المسجد . فكان بختنصر الفساد الثاني قال : و"الفساد " ، المعصية ثم قال ، (
فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة ) إلى قوله : (
وإن عدتم عدنا ) [ سورة الإسراء : 7 ، 8 ] فبعث الله لهم
عزيرا ، وقد كان علم التوراة وحفظها في صدره وكتبها لهم . فقام بها ذلك القرن ، ولبثوا فنسوا . ومات
عزير ، وكانت أحداث ، ونسوا العهد وبخلوا ربهم ، وقالوا : "
يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء " ، وقالوا في
عزير : "إن الله اتخذه ولدا " ، وكانوا يعيبون ذلك على النصارى في قولهم في المسيح ، فخالفوا ما نهوا عنه ، وعملوا بما كانوا يكفرون عليه ، فسبق من الله كلمة عند ذلك أنهم لن يظهروا على عدو آخر الدهر ، فقال : "
كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين " ، فبعث الله عليهم المجوس الثالثة أربابا ، فلم يزالوا كذلك والمجوس
[ ص: 460 ] على رقابهم ، وهم يقولون : "يا ليتنا أدركنا هذا النبي الذي نجده مكتوبا عندنا ، عسى الله أن يفكنا به من المجوس والعذاب الهون"! فبعث
محمدا صلى الله عليه وسلم واسمه "
محمد " ، واسمه في الإنجيل " أحمد " فلما جاءهم وعرفوا ، كفروا به ، قال : (
فلعنة الله على الكافرين ) [ سورة البقرة : 89 ] ، وقال : (
فباءوا بغضب على غضب ) ، [ سورة البقرة : 90 ] .
12252 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله " ، هم
اليهود .
12253 - حدثنا
بشر قال ، حدثنا
يزيد قال ، حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : "
كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا " ، أولئك أعداء الله
اليهود ، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ، فلن تلقى اليهود ببلد إلا وجدتهم من أذل أهله . لقد جاء الإسلام حين جاء ، وهم تحت أيدي
المجوس أبغض خلقه إليه .
12254 - حدثني
محمد بن الحسين قال ، حدثنا
أحمد بن مفضل قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قوله : "
كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله " ، قال : كلما أجمعوا أمرهم على شيء فرقه الله ، وأطفأ حدهم ونارهم ، وقذف في قلوبهم الرعب .
[ ص: 461 ] وقال
مجاهد بما : -
12255 - حدثني
القاسم قال ، حدثنا
الحسين قال ، حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد قوله : "
كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله " ، قال : حرب
محمد صلى الله عليه وسلم .