القول في تأويل
قوله تعالى ( وأني فضلتكم على العالمين ( 47 ) )
قال
أبو جعفر : وهذا أيضا مما ذكرهم جل ثناؤه من آلائه ونعمه عندهم . ويعني بقوله : (
وأني فضلتكم على العالمين ) : أني فضلت أسلافكم ، فنسب نعمه على آبائهم وأسلافهم إلى أنها نعم منه عليهم ، إذ كانت مآثر الآباء مآثر للأبناء ،
[ ص: 24 ] والنعم عند الآباء نعما عند الأبناء ، لكون الأبناء من الآباء ، وأخرج جل ذكره قوله : (
وأني فضلتكم على العالمين ) مخرج العموم ، وهو يريد به خصوصا ; لأن المعنى : وإني فضلتكم على عالم من كنتم بين ظهريه وفي زمانه . كالذي : -
868 - حدثنا به
محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر - وحدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : حدثنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر - عن
قتادة ، (
وأني فضلتكم على العالمين ) قال : فضلهم على عالم ذلك الزمان .
869 - حدثني
المثنى ، قال : حدثنا
آدم ، قال : حدثنا
أبو جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية : (
وأني فضلتكم على العالمين ) قال : بما أعطوا من الملك والرسل والكتب ، على عالم من كان في ذلك الزمان ، فإن لكل زمان عالما .
870 - حدثنا
القاسم ، قال : حدثنا
الحسين ، قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : قال
مجاهد في قوله : (
وأني فضلتكم على العالمين ) قال : على من هم بين ظهرانيه .
871 - وحدثني
محمد بن عمرو ، قال : حدثنا
أبو عاصم ، قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قال : على من هم بين ظهرانيه .
872 - وحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : سألت
ابن زيد عن قول الله : (
وأني فضلتكم على العالمين ) ، قال : عالم أهل ذلك الزمان . وقرأ قول الله : (
ولقد اخترناهم على علم على العالمين ) [ الدخان : 32 ] قال : هذه لمن أطاعه واتبع أمره ، وقد كان فيهم القردة ، وهم أبغض خلقه إليه ، وقال لهذه الأمة : (
كنتم خير أمة أخرجت للناس ) [ آل عمران : 110 ] قال :
[ ص: 25 ] هذه لمن أطاع الله واتبع أمره واجتنب محارمه .
قال
أبو جعفر : والدليل على صحة ما قلنا من أن تأويل ذلك على الخصوص الذي وصفنا ما : -
873 - حدثني به
يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، وحدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر جميعا ، عن
بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501557 : " ألا إنكم وفيتم سبعين أمة - قال
يعقوب في حديثه : أنتم آخرها - . وقال
الحسن : " أنتم خيرها وأكرمها على الله " .
فقد أنبأ هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن بني إسرائيل لم يكونوا مفضلين على أمة
محمد عليه الصلاة والسلام ، وأن معنى قوله : (
وفضلناهم على العالمين ) [ الجاثية : 16 ] وقوله : (
وأني فضلتكم على العالمين ) على ما بينا من تأويله .
[ ص: 26 ] وقد أتينا على بيان تأويل قوله : ( العالمين ) بما فيه الكفاية في غير هذا الموضع ، فأغنى ذلك عن إعادته .