القول في تأويل قوله
( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين ( 92 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه " "
وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول " ، في اجتنابكم
[ ص: 575 ] ذلك ، واتباعكم أمره فيما أمركم به من الانزجار عما زجركم عنه من هذه المعاني التي بينها لكم في هذه الآية وغيرها ، وخالفوا الشيطان في أمره إياكم بمعصية الله في ذلك وفي غيره ، فإنه إنما يبغي لكم العداوة والبغضاء بينكم بالخمر والميسر
"واحذروا " ، يقول : واتقوا الله وراقبوه أن يراكم عند ما نهاكم عنه من هذه الأمور التي حرمها عليكم في هذه الآية وغيرها ، أو يفقدكم عند ما أمركم به ، فتوبقوا أنفسكم وتهلكوها "
فإن توليتم " ، يقول : فإن أنتم لم تعملوا بما أمرناكم به ، وتنتهوا عما نهيناكم عنه ، ورجعتم مدبرين عما أنتم عليه من الإيمان والتصديق بالله وبرسوله ، واتباع ما جاءكم به نبيكم " فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين " ، يقول : فاعلموا أنه ليس على من أرسلناه إليكم بالنذارة غير إبلاغكم الرسالة التي أرسل بها إليكم ، مبينة لكم بيانا يوضح لكم سبيل الحق ، والطريق الذي أمرتم أن تسلكوه . وأما العقاب على التولية والانتقام بالمعصية ، فعلى المرسل إليه دون الرسل .
وهذا من الله تعالى وعيد لمن تولى عن أمره ونهيه . يقول لهم تعالى ذكره : فإن توليتم عن أمري ونهيي ، فتوقعوا عقابي ، واحذروا سخطي .