قال أبو جعفر : ذكر أن هذه الآية أنزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبب مسائل كان يسألها إياه أقوام ، امتحانا له أحيانا ، واستهزاء أحيانا . فيقول له بعضهم : " من أبي " ؟ ويقول له بعضهم إذا ضلت ناقته : " أين ناقتي " ؟ فقال لهم - تعالى ذكره - : لا تسألوا عن أشياء من ذلك كمسألة nindex.php?page=showalam&ids=196عبد الله بن حذافة إياه من أبوه " إن تبد لكم تسؤكم " يقول : إن أبدينا لكم حقيقة ما تسألون عنه ، ساءكم إبداؤها وإظهارها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك تظاهرت الأخبار عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
12806 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح قال : حدثنا الحسين بن واقد ، عن محمد بن زياد قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر مثله ، إلا أنه قام : فقام nindex.php?page=showalam&ids=5735عكاشة بن محصن الأسدي .
وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية من أجل أنهم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي .
ذكر من قال ذلك :
12811 - حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال : حدثنا عتاب بن بشير ، عن خصيف ، عن مجاهد ، عن ابن عباس " لا تسألوا عن أشياء " قال : هي البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي ، ألا ترى أنه يقول بعد ذلك : " ما جعل الله من كذا ولا كذا قال : وأما عكرمة فإنه قال : إنهم كانوا يسألونه عن الآيات ، فنهوا عن ذلك . ثم قال : " قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين " . قال : فقلت قد حدثني مجاهد بخلاف هذا عن ابن عباس ، فما لك تقول هذا؟ فقال : هيه .
12812 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، عن ابن عون ، [ ص: 112 ] عن عكرمة قال : هو الذي سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أبي وقال سعيد بن جبير : هم الذين سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البحيرة والسائبة .
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال بالصواب في ذلك ، قول من قال : نزلت هذه الآية من أجل إكثار السائلين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسائل ، كمسألة ابن حذافة إياه من أبوه ، ومسألة سائله إذ قال : " الله فرض عليكم الحج " أفي كل عام؟ وما أشبه ذلك من المسائل ، لتظاهر الأخبار بذلك عن الصحابة والتابعين وعامة أهل التأويل .
وأما القول الذي رواه مجاهد عن ابن عباس ، فقول غير بعيد من الصواب ، ولكن الأخبار المتظاهرة عن الصحابة والتابعين بخلافه ، وكرهنا القول به من أجل ذلك . على أنه غير مستنكر أن تكون المسألة عن البحيرة والسائبة والوصيلة والحام كانت فيما سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه من المسائل التي كره الله لهم السؤال عنها ، كما كره الله لهم المسألة عن الحج : " أكل عام هو ، أم عاما واحدا " ؟ وكما كره nindex.php?page=showalam&ids=196لعبد الله بن حذافة مسألته عن أبيه ، فنزلت الآية بالنهي عن المسائل كلها ، فأخبر كل مخبر منهم ببعض ما نزلت الآية من أجله ، وأجل غيره . وهذا القول أولى الأقوال في ذلك عندي بالصحة ، لأن مخارج الأخبار بجميع المعاني التي ذكرت صحاح ، فتوجيهها إلى الصواب من وجوهها أولى .