القول في تأويل
قوله تعالى ( يسومونكم سوء العذاب )
وفي قوله : ( يسومونكم ) وجهان من التأويل ، أحدهما : أن يكون خبرا مستأنفا عن فعل
فرعون ببني إسرائيل ، فيكون معناه حينئذ : واذكروا نعمتي عليكم إذ نجيتكم من آل
فرعون وكانوا من قبل يسومونكم سوء العذاب . وإذا كان ذلك تأويله كان موضع " يسومونكم " رفعا .
والوجه الثاني : أن يكون " يسومونكم " حالا فيكون تأويله حينئذ : وإذ نجيناكم
[ ص: 40 ] من آل
فرعون سائميكم سوء العذاب ، فيكون حالا من آل
فرعون .
وأما تأويل قوله : ( يسومونكم ) فإنه : يوردونكم ، ويذيقونكم ، ويولونكم ، يقال منه : " سامه خطة ضيم " ، إذا أولاه ذلك وأذاقه ، كما قال الشاعر :
إن سيم خسفا وجهه تربدا
فأما تأويل قوله : ( سوء العذاب ) فإنه يعني : ما ساءهم من العذاب . وقد قال بعضهم : أشد العذاب ; ولو كان ذلك معناه لقيل : أسوأ العذاب .
فإن قال لنا قائل : وما ذلك العذاب الذي كانوا يسومونهم الذي كان يسوؤهم ؟
قيل : هو ما وصفه الله تعالى في كتابه فقال : (
يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ) ، وقد قال
محمد بن إسحاق في ذلك ما : -
889 - حدثنا به
ابن حميد ، قال : حدثنا
سلمة ، قال : أخبرنا
ابن إسحاق ، قال : كان
فرعون يعذب بني إسرائيل فيجعلهم خدما وخولا وصنفهم في أعماله ، فصنف يبنون ، [ وصنف يحرثون ] ، وصنف يزرعون له ، فهم في أعماله ، ومن لم يكن منهم في صنعة [ له ] من عمله : فعليه الجزية - فسامهم - كما قال الله عز وجل : سوء العذاب .
[ ص: 41 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : جعلهم في الأعمال القذرة ، وجعل يقتل أبناءهم ، ويستحيي نساءهم :
890 - حدثني بذلك
موسى بن هارون ، قال : حدثنا
عمرو بن حماد ، قال : حدثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .