القول في تأويل قوله (
وجعل الظلمات والنور )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض ، وأظلم الليل ، وأنار النهار ، كما : -
[ ص: 250 ]
13040 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن مفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
وجعل الظلمات والنور " قال : الظلمات ظلمة الليل ، والنور نور النهار .
13041 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : أما قوله : "
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور " فإنه خلق السماوات قبل الأرض ، والظلمة قبل النور ، والجنة قبل النار .
فإن قال قائل : فما معنى قوله إذا : " جعل " .
قيل : إن العرب تجعلها ظرفا للخبر والفعل فتقول : " جعلت أفعل كذا " و " جعلت أقوم وأقعد " تدل بقولها " جعلت " على اتصال الفعل ، كما تقول "علقت أفعل كذا " لا أنها في نفسها فعل . يدل على ذلك قول القائل : " جعلت أقوم " وأنه لا جعل هناك سوى القيام ، وإنما دل بقوله : " جعلت " على اتصال الفعل ودوامه ،
ومن ذلك قول الشاعر :
وزعمت أنك سوف تسلك فاردا والموت مكتنع طريقي قادر فاجعل تحلل من يمينك إنما
حنث اليمين على الأثيم الفاجر
[ ص: 251 ]
يقول : " فاجعل تحلل " بمعنى : تحلل شيئا بعد شيء لا أن هناك جعلا من غير التحليل . فكذلك كل " جعل " في الكلام ، إنما هو دليل على فعل له اتصال ، لا أن له حظا في معنى الفعل .
فقوله : " وجعل الظلمات والنور " إنما هو : أظلم ليلهما ، وأنار نهارهما .