القول في تأويل قوله (
وللبسنا عليهم ما يلبسون ( 9 ) )
قال
أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : "
وللبسنا عليهم " : ولو أنزلنا ملكا من السماء مصدقا لك ، يا
محمد ، شاهدا لك عند هؤلاء العادلين بي ، الجاحدين آياتك على حقيقة نبوتك ، فجعلناه في صورة رجل من بني آدم ،
[ ص: 270 ] إذ كانوا لا يطيقون رؤية الملك بصورته التي خلقته بها ، التبس عليهم أمره ، فلم يدروا أملك هو أم إنسي! فلم يوقنوا به أنه ملك ، ولم يصدقوا به ، وقالوا : " ليس هذا ملكا " ! وللبسنا عليهم ما يلبسونه على أنفسهم من حقيقة أمرك ، وصحة برهانك وشاهدك على نبوتك .
يقال منه : " لبست عليهم الأمر ألبسه لبسا " إذا خلطته عليهم " ولبست الثوب ألبسه لبسا " . و " اللبوس " اسم الثياب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
13089 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قوله : "
وللبسنا عليهم ما يلبسون " يقول : لشبهنا عليهم .
13090 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : "
وللبسنا عليهم ما يلبسون " يقول : ما لبس قوم على أنفسهم إلا لبس الله عليهم . واللبس إنما هو من الناس .
13091 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
وللبسنا عليهم ما يلبسون " يقول : شبهنا عليهم ما يشبهون على أنفسهم .
وقد روي عن
ابن عباس في ذلك قول آخر ، وهو ما : -
13092 - حدثني به
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي
[ ص: 271 ] قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : "
وللبسنا عليهم ما يلبسون " فهم أهل الكتاب ، فارقوا دينهم ، وكذبوا رسلهم ، وهو تحريف الكلام عن مواضعه .
13093 - حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ قال : حدثنا
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك في قوله : "
وللبسنا عليهم ما يلبسون " يعني : التحريف ، هم أهل الكتاب ، فرقوا كتبهم ودينهم ، وكذبوا رسلهم ، فلبس الله عليهم ما لبسوا على أنفسهم .
وقد بينا فيما مضى قبل أن هذه الآيات من أول السورة ، بأن تكون في أمر المشركين من عبدة الأوثان ، أشبه منها بأمر أهل الكتاب من
اليهود والنصارى ، بما أغنى عن إعادته .