[ ص: 50 ] القول في تأويل
قوله تعالى ( وإذ فرقنا بكم البحر )
أما تأويل قوله : ( وإذ فرقنا بكم ) ، فإنه عطف على : ( وإذ نجيناكم ) ، بمعنى : واذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ، واذكروا إذ نجيناكم من آل
فرعون ، وإذ فرقنا بكم البحر .
ومعنى قوله : ( فرقنا بكم ) : فصلنا بكم البحر . لأنهم كانوا اثني عشر سبطا ; ففرق البحر اثني عشر طريقا ، فسلك كل سبط منهم طريقا منها ، فذلك فرق الله بهم عز وجل البحر ، وفصله بهم ، بتفريقهم في طرقه الاثني عشر ، كما : -
904 - حدثني
موسى بن هارون قال ، حدثنا
عمرو بن حماد قال ، حدثنا
أسباط بن نصر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : لما أتى
موسى البحر كناه " أبا خالد " ، وضربه فانفلق ، فكان كل فرق كالطود العظيم ، فدخلت بنو إسرائيل . وكان في البحر اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط .
وقد قال بعض نحويي
البصرة : معنى قوله : (
وإذ فرقنا بكم البحر ) ، فرقنا بينكم وبين الماء . يريد بذلك : فصلنا بينكم وبينه ، وحجزناه حيث مررتم به . وذلك خلاف ما في ظاهر التلاوة ، لأن الله جل ثناؤه إنما أخبر أنه فرق البحر بالقوم ، ولم يخبر أنه فرق بين القوم وبين البحر ، فيكون التأويل ما قاله قائلو هذه المقالة ، وفرقه البحر بالقوم ، إنما هو تفريقه البحر بهم ، على ما وصفنا من افتراق سبيله بهم ، على ما جاءت به الآثار .