القول في تأويل قوله (
من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين ( 16 ) )
قال
أبو جعفر : اختلف القرأة في قراءة ذلك .
فقرأته عامة قرأة
الحجاز والمدينة والبصرة : من يصرف عنه يومئذ ، بضم " الياء " وفتح " الراء " بمعنى : من يصرف عنه العذاب يومئذ .
وقرأ ذلك عامة قرأة
الكوفة : (
من يصرف عنه ) ، بفتح " الياء " وكسر " الراء " بمعنى : من يصرف الله عنه العذاب يومئذ .
وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي ، قراءة من قرأه : (
يصرف عنه ) ، بفتح " الياء " وكسر " الراء " لدلالة قوله : " فقد رحمه " على صحة ذلك ، وأن القراءة فيه بتسمية فاعله . ولو كانت القراءة في قوله : " من يصرف " على وجه ما لم يسم فاعله ، كان الوجه في قوله : " فقد رحمه " أن يقال : " فقد رحم " غير مسمى فاعله . وفي تسمية الفاعل في قوله : " فقد رحمه " دليل بين على أن ذلك كذلك في قوله : " من يصرف عنه " .
وإذا كان ذلك هو الوجه الأولى بالقراءة ، فتأويل الكلام : من يصرف عنه من خلقه يومئذ عذابه فقد رحمه "
وذلك الفوز المبين " ويعني بقوله : " وذلك " وصرف الله عنه العذاب يوم القيامة ، ورحمته إياه " الفوز " أي : النجاة من الهلكة ، والظفر بالطلبة " المبين " يعني الذي بين لمن رآه أنه الظفر بالحاجة وإدراك الطلبة .
[ ص: 287 ]
وبنحو الذي قلنا في قوله : " من يصرف عنه يومئذ " قال أهل التأويل :
ذكر من قال ذلك :
13115 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة في قوله "
من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه " قال : من يصرف عنه العذاب .