[ ص: 294 ] القول في تأويل قوله (
الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ( 20 ) )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : الذين " آتيناهم الكتاب " التوراة والإنجيل يعرفون أنما هو إله واحد ، لا جماعة الآلهة ، وأن محمدا نبي مبعوث " كما يعرفون أبناءهم " .
وقوله : "
الذين خسروا أنفسهم " من نعت " الذين " الأولى .
ويعني بقوله : " خسروا أنفسهم " أهلكوها وألقوها في نار جهنم ، بإنكارهم
محمدا أنه لله رسول مرسل ، وهم بحقيقة ذلك عارفون " فهم لا يؤمنون " يقول : فهم بخسارتهم بذلك أنفسهم لا يؤمنون .
وقد قيل : إن معنى " خسارتهم أنفسهم " أن كل عبد له منزل في الجنة ومنزل في النار . فإذا كان يوم القيامة ، جعل الله لأهل الجنة منازل أهل النار في الجنة ، وجعل لأهل النار منازل أهل الجنة في النار ، فذلك خسران الخاسرين منهم ، لبيعهم منازلهم من الجنة بمنازل أهل الجنة من النار بما فرط منهم في الدنيا من معصيتهم الله ، وظلمهم أنفسهم ، وذلك معنى قول الله - تعالى ذكره - :
الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون [ سورة المؤمنون : 11 ] .
[ ص: 295 ]
وبنحو ما قلنا في معنى قوله : "
الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم " قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
13130 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : "
الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم " يعرفون أن الإسلام دين الله ، وأن محمدا رسول الله ، يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل .
13131 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، عن
معمر ، عن
قتادة في قوله : "
الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم "
النصارى واليهود يعرفون رسول الله في كتابهم ، كما يعرفون أبناءهم .
13132 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم " [ يعني : النبي - صلى الله عليه وسلم - : " كما يعرفون أبناءهم " ؛ لأن نعته معهم في التوراة ] .
13133 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قوله : "
الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم " يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال : زعم أهل
المدينة عن أهل الكتاب ممن أسلم أنهم قالوا : والله لنحن أعرف به من أبنائنا ، من أجل الصفة والنعت الذي نجده
[ ص: 296 ] في الكتاب ، وأما أبناؤنا فلا ندري ما أحدث النساء !