القول في تأويل قوله (
انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون ( 24 ) )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - لنبيه
محمد - صلى الله عليه وسلم - : انظر يا
محمد ، فاعلم كيف كذب هؤلاء المشركون العادلون بربهم الأوثان والأصنام في الآخرة عند لقاء الله على أنفسهم بقيلهم : " والله يا ربنا ما كنا مشركين " واستعملوا هنالك الأخلاق التي كانوا بها يتخلقون في الدنيا من الكذب والفرية .
ومعنى " النظر " في هذا الموضع ، النظر بالقلب ، لا النظر بالبصر . وإنما معناه : تبين فاعلم كيف كذبوا في الآخرة .
وقال : " كذبوا " ومعناه : يكذبون ، لأنه لما كان الخبر قد مضى في الآية قبلها ، صار كالشيء الذي قد كان ووجد .
"
وضل عنهم ما كانوا يفترون " يقول : وفارقهم الأنداد والأصنام ، وتبرءوا منها ، فسلكوا غير سبيلها ، لأنها هلكت ، [ وأعيد الذين كانوا يعبدونها اجتراء ] ،
[ ص: 302 ] ثم أخذوا بما كانوا يفترونه من قيلهم فيها على الله ، وعبادتهم إياها ، وإشراكهم إياها في سلطان الله ، فضلت عنهم ، وعوقب عابدوها بفريتهم .
وقد بينا فيما مضى أن معنى " الضلال " الأخذ على غير الهدى .
وقد ذكر أن هؤلاء المشركين يقولون هذا القول عند معاينتهم سعة رحمة الله يومئذ .
ذكر الرواية بذلك :
13140 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
حكام قال : حدثنا
عمرو ، عن
مطرف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال بن عمرو ، عن
سعيد بن جبير قال : أتى رجل
ابن عباس فقال : سمعت الله يقول : "
والله ربنا ما كنا مشركين " وقال في آية أخرى :
ولا يكتمون الله حديثا [ سورة النساء : 42 ] ؟ قال
ابن عباس : أما قوله : "
والله ربنا ما كنا مشركين " فإنه لما رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا أهل الإسلام : قالوا : " تعالوا نجحد " فقالوا : "
والله ربنا ما كنا مشركين " فختم الله على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم ، " ولا يكتمون الله حديثا " .
[ ص: 303 ]
13141 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله - تعالى ذكره - : "
والله ربنا ما كنا مشركين " قال : قول أهل الشرك حين رأوا الذنوب تغفر ، ولا يغفر الله لمشرك "
انظر كيف كذبوا على أنفسهم " بتكذيب الله إياهم .
13142 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، بنحوه .
13143 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قوله : "
والله ربنا ما كنا مشركين " ثم قال :
ولا يكتمون الله حديثا ، [ سورة النساء " 42 ] ، بجوارحهم .
13144 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
حمزة الزيات ، عن رجل يقال له
هشام ، عن
سعيد بن جبير : "
ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين " قال : حلفوا واعتذروا ، قالوا : " والله ربنا " .
13145 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
قبيصة بن عقبة قال : حدثنا
سفيان ، عن
سعيد بن جبير قال أقسموا واعتذروا : " والله ربنا " .
13146 - حدثنا
هناد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
حمزة الزيات ، عن رجل يقال له
هشام ، عن
سعيد بن جبير ، بنحوه .
13147 - حدثنا
هناد قال : حدثنا
أبو معاوية ، عن
سفيان بن زياد العصفري ، عن
سعيد بن جبير في قوله : "
والله ربنا ما كنا مشركين " قال : لما أمر بإخراج رجال من النار من أهل التوحيد ، قال من فيها من المشركين : " تعالوا نقول : لا إله إلا الله ، لعلنا نخرج مع هؤلاء " . قال : فلم يصدقوا . قال : فحلفوا : "
والله ربنا ما كنا مشركين " . قال : فقال الله : "
انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون " .
[ ص: 304 ]
13148 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : "
وضل عنهم ما كانوا يفترون " أي : يشركون .
13149 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال بن عمرو ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس في قوله : "
والله ربنا ما كنا مشركين " قال : لما رأى المشركون أنه لا يدخل الجنة إلا مسلم ، قالوا : تعالوا إذا سئلنا قلنا : "
والله ربنا ما كنا مشركين " . فسئلوا ، فقالوا ذلك ، فختم الله على أفواههم ، وشهدت عليهم جوارحهم بأعمالهم ، فود الذين كفروا حين رأوا ذلك : "
لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا " .
13150 - حدثني
الحارث قال حدثني
عبد العزيز قال : حدثنا
مسلم بن خلف ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قال : يأتي على الناس يوم القيامة ساعة ، لما رأى أهل الشرك أهل التوحيد يغفر لهم فيقولون : "
والله ربنا ما كنا مشركين " قال : "
انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون " .
13151 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز ، قال : حدثنا
سفيان عن رجل ، عن
سعيد بن جبير : أنه كان يقول : "
والله ربنا ما كنا مشركين " يخفضها . قال : أقسموا واعتذروا قال
الحارث قال
عبد العزيز ، قال
سفيان مرة أخرى : حدثني
هشام ، عن
سعيد بن جبير .
[ ص: 305 ]