القول في تأويل قوله (
وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين ( 25 ) )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : وإن ير هؤلاء العادلون بربهم الأوثان والأصنام ، الذين جعلت على قلوبهم أكنة أن يفقهوا عنك ما يسمعون منك " كل آية " يقول : كل حجة وعلامة تدل أهل الحجا والفهم على توحيد الله وصدق قولك وحقيقة نبوتك " لا يؤمنوا بها " يقول : لا يصدقون بها ، ولا يقرون بأنها دالة على ما هي عليه دالة "
حتى إذا جاءوك يجادلونك " يقول : حتى إذا صاروا إليك بعد معاينتهم الآيات الدالة على حقيقة ما جئتهم به " يجادلونك " يقول : يخاصمونك " يقول الذين كفروا " يعني بذلك : الذين جحدوا آيات الله وأنكروا حقيقتها ، يقولون لنبي الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سمعوا حجج الله التي احتج بها عليهم ، وبيانه الذي بينه لهم "
إن هذا إلا أساطير الأولين " أي : ما هذا إلا أساطير الأولين .
و " الأساطير " جمع " إسطارة " و " أسطورة " مثل " أفكوهة " و " أضحوكة " وجائز أن يكون الواحد " أسطارا " مثل " أبيات " و " أبابيت " و " أقوال وأقاويل " من قول الله - تعالى ذكره - : وكتاب مسطور ، [ سورة الطور : 2 ] . من : " سطر يسطر سطرا " .
[ ص: 309 ]
فإذ كان من هذا : فإن تأويله : ما هذا إلا ما كتبه الأولون .
وقد ذكر عن
ابن عباس وغيره أنهم كانوا يتأولونه بهذا التأويل ، ويقولون : معناه : إن هذا إلا أحاديث الأولين .
13156 - حدثني بذلك
المثنى بن إبراهيم قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال حدثني
معاوية ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس .
13157 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن مفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، أما " أساطير الأولين " فأساجيع الأولين .
وكان بعض أهل العلم وهو
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة معمر بن المثنى بكلام العرب يقول : " الإسطارة " لغة ، ومجازها مجاز الترهات .
وكان
الأخفش يقول : قال بعضهم : واحده " أسطورة " . وقال بعضهم : " إسطارة " . قال : ولا أراه إلا من الجمع الذي ليس له واحد ، نحو " العباديد " و " المذاكير " و " الأبابيل " . قال : وقال بعضهم : واحد " الأبابيل " " إبيل " وقال بعضهم : " إبول " مثل " عجول " ولم أجد العرب تعرف له واحدا ، وإنما هو مثل " عباديد " لا واحد لها . وأما " الشماطيط " فإنهم يزعمون
[ ص: 310 ] أن واحده " شمطاط " . قال : وكل هذه لها واحد ، إلا أنه لم يستعمل ولم يتكلم به ، لأن هذا المثال لا يكون إلا جميعا . قال : وسمعت العرب الفصحاء تقول : " أرسل خيله أبابيل " تريد جماعات ، فلا تتكلم بها بواحدة . وكانت مجادلتهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي ذكرها الله في هذه الآية ، فيما ذكر ، ما : -
13158 - حدثني به
محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : "
حتى إذا جاءوك يجادلونك " الآية ، قال : هم المشركون ، يجادلون المسلمين في الذبيحة ، يقولون : " أما ما ذبحتم وقتلتم فتأكلون ، وأما ما قتل الله فلا تأكلون ! وأنتم تتبعون أمر الله - تعالى ذكره - " !