القول في تأويل قوله (
إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون ( 36 ) )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - لنبيه
محمد - صلى الله عليه وسلم - : لا يكبرن عليك إعراض هؤلاء المعرضين عنك ، وعن الاستجابة لدعائك إذا دعوتهم إلى توحيد ربهم والإقرار بنبوتك ، فإنه لا يستجيب لدعائك - إلى ما تدعوه إليه من ذلك - إلا الذين فتح الله أسماعهم للإصغاء إلى الحق ، وسهل لهم اتباع الرشد ، دون من ختم الله على سمعه ، فلا يفقه من دعائك إياه إلى الله وإلى اتباع الحق إلا ما تفقه الأنعام من أصوات رعاتها ، فهم كما وصفهم به الله - تعالى ذكره - :
صم بكم عمي فهم لا يعقلون [ سورة البقرة : 171 ] "
والموتى يبعثهم الله " يقول : والكفار يبعثهم الله مع الموتى ، فجعلهم - تعالى ذكره - في عداد الموتى الذين لا يسمعون صوتا ، ولا يعقلون دعاء ، ولا يفقهون قولا إذ كانوا لا يتدبرون حجج الله ، ولا يعتبرون آياته ، ولا يتذكرون فينزجرون عما هم عليه من تكذيب رسل الله وخلافهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 342 ]
13206 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
إنما يستجيب الذين يسمعون " المؤمنون للذكر " والموتى " الكفار ، حين يبعثهم الله مع الموتى .
13207 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
13208 - حدثني
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : "
إنما يستجيب الذين يسمعون " قال : هذا مثل المؤمن ، سمع كتاب الله فانتفع به وأخذ به وعقله . والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم ، وهذا مثل الكافر أصم أبكم ، لا يبصر هدى ولا ينتفع به .
13209 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
أبو أسامة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16933محمد بن جحادة ، عن
الحسن : "
إنما يستجيب الذين يسمعون " المؤمنون " والموتى " قال : الكفار .
13210 - حدثني
ابن بشار قال : حدثنا
عبد الرحمن قال : حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16933محمد بن جحادة قال : سمعت
الحسن يقول في قوله : "
إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله " قال : الكفار .
وأما قوله : "
ثم إليه يرجعون " فإنه يقول - تعالى ذكره - : ثم إلى الله يرجع المؤمنون الذين استجابوا لله والرسول ، والكفار الذين يحول الله بينهم وبين أن يفقهوا عنك شيئا ، فيثيب هذا المؤمن على ما سلف من صالح عمله في الدنيا بما وعد أهل الإيمان به من الثواب ، ويعاقب هذا الكافر بما أوعد أهل الكفر به من العقاب ، لا يظلم أحدا منهم مثقال ذرة .