[ ص: 419 ] القول في تأويل قوله (
أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : أو يخلطكم " شيعا " فرقا ، واحدتها " شيعة " .
وأما قوله : " يلبسكم " فهو من قولك : " لبست عليه الأمر " إذا خلطت ، " فأنا ألبسه " . وإنما قلت إن ذلك كذلك ، لأنه لا خلاف بين القرأة في ذلك بكسر " الباء " ففي ذلك دليل بين على أنه من : " لبس يلبس " وذلك هو معنى الخلط . وإنما عنى بذلك : أو يخلطكم أهواء مختلفة وأحزابا مفترقة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
13351 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
أبو أسامة ، عن
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
أو يلبسكم شيعا " الأهواء المفترقة .
13352 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
أو يلبسكم شيعا " قال : يفرق بينكم .
13353 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
أو يلبسكم شيعا " قال : ما كان منكم من الفتن والاختلاف .
13354 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال قال
ابن زيد في
[ ص: 420 ] قوله : "
أو يلبسكم شيعا " قال : الذي فيه الناس اليوم من الاختلاف ، والأهواء ، وسفك دماء بعضهم بعضا .
13355 - حدثني
محمد بن سعد قال حدثني أبي ، قال : حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : "
أو يلبسكم شيعا " قال : الأهواء والاختلاف .
13356 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : "
أو يلبسكم شيعا " يعني بالشيع ، الأهواء المختلفة .
وأما قوله : "
ويذيق بعضكم بأس بعض " فإنه يعني : يقتل بعضكم بيد بعض .
والعرب تقول للرجل ينال الرجل بسلام فيقتله به : " قد أذاق فلان فلانا الموت " ، و " أذاقه بأسه " وأصل ذلك من : " ذوق الطعام " وهو يطعمه ، ثم استعمل ذلك في كل ما وصل إلى الرجل من لذة وحلاوة ، أو مرارة ومكروه وألم .
وقد بينت معنى " البأس " في كلام العرب فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
13357 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال
[ ص: 421 ] حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
ويذيق بعضكم بأس بعض " بالسيوف .
13358 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16272أبو النعمان عارم قال : حدثنا
حماد ، عن
أبي هارون العبدي ، عن
عوف البكالي أنه قال في قوله : "
ويذيق بعضكم بأس بعض " قال : هي والله الرجال في أيديهم الحراب ، يطعنون في خواصركم .
13359 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : "
ويذيق بعضكم بأس بعض " قال : يسلط بعضكم على بعض بالقتل والعذاب .
13360 - حدثنا
سعيد بن الربيع الرازي قال : حدثنا
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قال : عذاب هذه الأمة أهل الإقرار بالسيف "
أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض " وعذاب أهل التكذيب ، الصيحة والزلزلة .
ثم اختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية .
فقال بعضهم : عني بها المسلمون من أمة
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وفيهم نزلت .
ذكر من قال ذلك :
13361 - حدثني
محمد بن عيسى الدامغاني قال : أخبرنا
ابن المبارك ، عن
الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية في قوله : "
قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم " الآية ، قال : فهن أربع ، وكلهن عذاب ، فجاء مستقر اثنتين ، بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخمس وعشرين سنة ، فألبسوا شيعا ، وأذيق بعضهم بأس بعض ، وبقيت اثنتان ، فهما لا بد واقعتان يعني : الخسف والمسخ .
[ ص: 422 ]
13362 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : "
من فوقكم أو من تحت أرجلكم " لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وأعفاكم منه "
أو يلبسكم شيعا " قال : ما كان فيكم من الفتن والاختلاف .
13363 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
13364 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ،
عن قتادة : " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا " الآية . ذكر لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى ذات يوم الصبح فأطالها ، فقال له بعض أهله : يا نبي الله ، لقد صليت صلاة ما كنت تصليها ؟ قال : إنها صلاة رغبة ورهبة ، وإني سألت ربي فيها ثلاثا ، سألته أن لا يسلط على أمتي عدوا من غيرهم ، فيهلكهم ، فأعطانيها . وسألته أن لا يسلط على أمتي السنة ، فأعطانيها . وسألته أن لا يلبسهم شيعا ولا يذيق بعضهم بأس بعض ، فمنعنيها . ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين ، لا يضرهم من خذلهم ، حتى يأتي أمر الله .
13365 - حدثنا
أحمد بن الوليد القرشي وسعيد بن الربيع الرازي قالا : حدثنا
سفيان بن عيينة ، عن
عمرو ، سمع
جابرا يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810491لما أنزل الله - تعالى ذكره - على النبي - صلى الله عليه وسلم - : " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم " قال : أعوذ بوجهك " أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض " قال : هاتان أيسر أو : أهون .
[ ص: 423 ]
13366 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
ابن عيينة ، عن
عمرو ، عن
جابر ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810492لما نزلت : " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم " قال : نعوذ بك ، نعوذ بك " أو يلبسكم شيعا " قال : هو أهون .
13367 - حدثني
زياد بن عبيد الله المزني قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17070مروان بن معاوية الفزاري قال : حدثنا
أبو مالك قال حدثني
نافع بن خالد الخزاعي ، عن أبيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811477أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة خفيفة تامة الركوع والسجود ، فقال : قد كانت صلاة رغبة ورهبة ، فسألت الله فيها ثلاثا ، فأعطاني اثنتين ، وبقي واحدة . سألت الله أن لا يصيبكم بعذاب أصاب به من قبلكم ، فأعطانيها . وسألت الله أن لا يسلط عليكم عدوا يستبيح بيضتكم ، فأعطانيها . وسألته أن لا يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض ، فمنعنيها قال
أبو مالك : فقلت له : أبوك سمع هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال : نعم ، سمعته يحدث بها القوم أنه سمعها من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
[ ص: 424 ]
13368 - حدثني
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور عن
[ ص: 425 ] معمر ، عن
أيوب ، عن
أبي قلابة ، عن
أبي الأشعث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11806أبي أسماء الرحبي ، عن
شداد بن أوس يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810493إن الله زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها ، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها ، وإني أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض ، وإني سألت ربي أن لا يهلك قومي بسنة عامة ، وأن لا يلبسهم شيعا ، ولا يذيق بعضهم بأس بعض ، فقال : يا محمد ، إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد ، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة ، ولا أسلط عليهم عدوا ممن سواهم فيهلكهم بعامة ، حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ، وبعضهم يقتل بعضا ، وبعضهم يسبي بعضا . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إني أخاف على أمتي الأئمة المضلين ، فإذا وضع السيف في أمتي ، لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة .
[ ص: 426 ]
13369 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر قال أخبرني
أيوب ، عن
أبي قلابة ، عن
أبي الأشعث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11806أبي أسماء الرحبي ، عن
شداد بن أوس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فذكر نحوه إلا أنه قال : وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810494إني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين .
13370 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور قال : حدثنا
معمر ، عن
الزهري قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811478راقب nindex.php?page=showalam&ids=211خباب بن الأرت ، وكان بدريا ، النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي ، حتى إذا فرغ ، وكان في الصبح ، قال له : يا رسول الله ، لقد رأيتك تصلي صلاة ما رأيتك صليت مثلها ؟ قال : أجل ، إنها صلاة رغب ورهب ، سألت ربي ثلاث خصال ، فأعطاني اثنتين ، ومنعني واحدة : سألته أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم ، فأعطاني . وسألته أن لا يسلط علينا عدوا ، فأعطاني . وسألته أن لا يلبسنا شيعا ، فمنعني .
[ ص: 427 ]
13371 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
الزهري في قوله : "
أو يلبسكم شيعا " قال : راقب
nindex.php?page=showalam&ids=211خباب بن الأرت ، وكان بدريا ، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فذكر نحوه إلا أنه قال : ثلاث خصلات .
13372 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810495لما نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - : " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم " قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أعوذ بوجهك ، " أو من تحت أرجلكم " قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أعوذ بوجهك ، " أو يلبسكم شيعا " قال : هذه أهون .
13373 - حدثني
يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
يونس ، عن
الحسن : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811479سألت ربي أربعا ، فأعطيت ثلاثا ومنعت واحدة : سألته أن لا يسلط على أمتي عدوا من غيرهم يستبيح بيضتهم ، ولا يسلط عليهم جوعا ، ولا يجمعهم على ضلالة ، فأعطيتهن وسألته أن لا [ ص: 428 ] يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض ، فمنعت .
13374 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811480إني سألت ربي خصالا فأعطاني ثلاثا ومنعني واحدة : سألته أن لا تكفر أمتي صفقة واحدة ، فأعطانيها . وسألته ألا يظهر عليهم عدوا من غيرهم ، فأعطانيها . وسألته أن لا يعذبهم بما عذب به الأمم من قبلهم ، فأعطانيها . وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم ، فمنعنيها .
13375 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال حدثني
حجاج ، عن
أبي بكر ، عن
الحسن قال :
لما نزلت هذه الآية ، قوله : " ويذيق بعضكم بأس بعض " قال الحسن : ثم قال لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وهو يشهده عليهم : " انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون " فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ ، فسأل ربه أن لا يرسل عليهم عذابا من فوقهم أو من تحت أرجلهم ، ولا يلبس أمته شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض كما أذاق بني إسرائيل ، فهبط إليه جبريل عليه السلام فقال : يا محمد ، إنك سألت ربك أربعا ، فأعطاك اثنتين ومنعك اثنتين : لن يأتيهم عذاب من فوقهم ، ولا من تحت أرجلهم يستأصلهم ، فإنهما عذابان لكل أمة اجتمعت على تكذيب نبيها ورد كتاب ربها ، ولكنهم يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض ، وهذان عذابان لأهل الإقرار بالكتاب والتصديق بالأنبياء ، ولكن يعذبون بذنوبهم ، وأوحي إليه : فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون ، يقول : من أمتك ( أو نرينك الذي وعدناهم ) من العذاب وأنت حي ( فإنا عليهم مقتدرون ) [ سورة الزخرف : 41 ، 42 ] . فقام نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فراجع ربه ، فقال : أي مصيبة أشد من أن [ ص: 429 ] أرى أمتي يعذب بعضها بعضا ! وأوحي إليه : ( الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) ، [ سورة العنكبوت : 1 ، 3 ] ، فأعلمه أن أمته لم تخص دون الأمم بالفتن ، وأنها ستبتلى كما ابتليت الأمم . ثم أنزل عليه : ( قل رب إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين ) [ سورة المؤمنون : 93 ، 94 ] ، فتعوذ نبي الله ، فأعاذه الله ، لم ير من أمته إلا الجماعة والألفة والطاعة . ثم أنزل عليه آية حذر فيها أصحابه الفتنة ، فأخبره أنه إنما يخص بها ناس منهم دون ناس ، فقال : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ) ، [ سورة الأنفال : 25 ] ، فخص بها أقواما من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - بعده ، وعصم بها أقواما .
13376 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال حدثني
حجاج ، عن
أبي جعفر ، عن
الربيع بن أنس ،
عن أبي العالية قال : لما جاء جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما يكون في أمته من الفرقة والاختلاف ، فشق ذلك عليه ، ثم دعا فقال : اللهم أظهر عليهم أفضلهم بقية .
13377 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو الأسود قال : أخبرنا
ابن لهيعة ، عن
خالد بن يزيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير قال :
لما نزلت هذه الآية : " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أعوذ بالله من ذلك ! قال : " أو من تحت أرجلكم " قال : أعوذ بالله من ذلك قال : " أو يلبسكم شيعا " قال : هذه أيسر ! ولو استعاذه لأعاذه .
[ ص: 430 ]
13378 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
المؤمل البصري قال : أخبرنا
يعقوب بن إسماعيل بن يسار المديني قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم قال :
لما نزلت : " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيوف ! فقالوا : ونحن نشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ! قال : نعم ! فقال بعض الناس : لا يكون هذا أبدا ! فأنزل الله : انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون .
وقال آخرون : عنى ببعضها أهل الشرك ، وببعضها أهل الإسلام .
ذكر من قال ذلك :
13379 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
سويد بن نصر قال : أخبرنا
ابن المبارك ، عن
هارون بن موسى ، عن
حفص بن سليمان ، عن
الحسن في قوله : "
قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم " قال : هذا للمشركين "
أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض " قال : هذا للمسلمين .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول عندي أن يقال : إن الله - تعالى ذكره - توعد بهذه الآية أهل الشرك به من عبدة الأوثان ، وإياهم خاطب بها ، لأنها
[ ص: 431 ] بين إخبار عنهم وخطاب لهم ، وذلك أنها تتلو قوله : "
قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون " ويتلوها قوله : "
وكذب به قومك وهو الحق " . وغير جائز أن يكون المؤمنون كانوا به مكذبين ، فإذا كان غير جائز أن يكون ذلك كذلك ، وكانت هذه الآية بين هاتين الآيتين ، كان بينا أن ذلك وعيد لمن تقدم وصف الله إياه بالشرك ، وتأخر الخبر عنه بالتكذيب لا لمن لم يجر له ذكر . غير أن ذلك وإن كان كذلك ، فإنه قد عم وعيده بذلك كل من سلك سبيلهم من أهل الخلاف على الله وعلى رسوله ، والتكذيب بآيات الله من هذه وغيرها .
وأما الأخبار التي رويت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810496سألت ربي ثلاثا ، فأعطاني اثنتين ، ومنعني واحدة " فجائز أن هذه الآية نزلت في ذلك الوقت وعيدا لمن ذكرت من المشركين ، ومن كان على منهاجهم من المخالفين ربهم ، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربه أن يعيذ أمته مما ابتلى به الأمم الذين استوجبوا من الله - تعالى ذكره - بمعصيتهم إياه هذه العقوبات ، فأعاذهم بدعائه إياه ورغبته إياه ، من المعاصي التي يستحقون بها من هذه الخلال الأربع من العقوبات أغلظها ، ولم يعذهم من ذلك ما يستحقون به اثنتين منها .
وأما الذين تأولوا أنه عنى بجميع ما في هذه الآية هذه الأمة ، فإني أراهم تأولوا أن في هذه الأمة من سيأتي من معاصي الله وركوب ما يسخط الله ، نحو الذي ركب من قبلهم من الأمم السالفة ، من خلافه والكفر به ، فيحل بهم مثل الذي حل بمن قبلهم من المثلات والنقمات ، وكذلك قال
أبو العالية ومن قال بقوله : " جاء منهن اثنتان بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخمس وعشرين سنة . وبقيت اثنتان ، الخسف والمسخ " وذلك أنه روي عن رسول الله صلى الله عليه
[ ص: 432 ] وسلم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810497سيكون في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف " وأن قوما من أمته سيبيتون على لهو ولعب ، ثم يصبحون قردة وخنازير . وذلك إذا كان ، فلا شك أنه نظير الذي في الأمم الذين عتوا على ربهم في التكذيب وجحدوا آياته . وقد روي نحو الذي روي عن
أبي العالية ، عن
أبي .
13380 - حدثنا
هناد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع وحدثنا
سفيان قال : أخبرنا أبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11960أبي جعفر الرازي ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية ، عن
أبي بن كعب : "
قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا " قال : أربع خلال ، وكلهن عذاب ، وكلهن واقع قبل يوم القيامة ، فمضت اثنتان بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بخمس وعشرين سنة ، ألبسوا شيعا ، وأذيق بعضهم بأس بعض . وثنتان واقعتان لا محالة : الخسف والرجم .