[ ص: 470 ] القول في تأويل قوله (
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ( 75 ) )
قال
أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : "
وكذلك " وكما أريناه البصيرة في دينه ، والحق في خلافه ما كانوا عليه من الضلال ، نريه ملكوت السماوات والأرض يعني ملكه .
وزيدت فيه " التاء " كما زيدت في " الجبروت " من " الجبر " وكما قيل : " رهبوت خير من رحموت " بمعنى : رهبة خير من رحمة . وحكي عن
العرب سماعا : " له ملكوت
اليمن والعراق " بمعنى : له ملك ذلك .
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " نري
إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " .
فقال بعضهم : معنى ذلك : نريه خلق السماوات والأرض .
ذكر من قال ذلك :
13441 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثنا
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قوله : "
نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " أي : خلق السماوات والأرض .
13442 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ،
[ ص: 471 ] عن
قتادة : "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " أي : خلق السماوات والأرض " وليكون من الموقنين " .
13443 - حدثني
محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " يعني ب " ملكوت السماوات والأرض " خلق السماوات والأرض .
وقال آخرون : معنى " الملكوت " الملك ، بنحو التأويل الذي تأولناه .
ذكر من قال ذلك :
13444 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح قال : حدثنا
عمر بن أبي زائدة قال : سمعت
عكرمة ، وسأله رجل عن قوله : "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " قال : هو الملك ، غير أنه بكلام النبط : " ملكوتا " .
13445 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
ابن أبي زائدة ، عن
عكرمة قال : هي بالنبطية : " ملكوتا " .
وقال آخرون : معنى ذلك : آيات السماوات والأرض .
ذكر من قال ذلك :
13446 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17259هناد بن السري قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
منصور ، عن
مجاهد : "
نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " قال : آيات السماوات والأرض .
[ ص: 472 ]
13447 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله - تعالى ذكره - : "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " قال : آيات .
13448 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " قال : تفرجت
لإبراهيم السماوات السبع حتى العرش ، فنظر فيهن ، وتفرجت له الأرضون السبع ، فنظر فيهن .
13449 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين " قال : أقيم على صخرة وفتحت له السماوات ، فنظر إلى ملك الله فيها ، حتى نظر إلى مكانه في الجنة . وفتحت له الأرضون حتى نظر إلى أسفل الأرض ، فذلك قوله : (
وآتيناه أجره في الدنيا ) [ سورة العنكبوت : 27 ] ، يقول : آتيناه مكانه في الجنة ، ويقال : " أجره " الثناء الحسن .
13450 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
القاسم بن أبي بزة ، عن
مجاهد قوله : "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " قال : فرجت له السماوات فنظر إلى ما فيهن ، حتى انتهى بصره إلى العرش ، وفرجت له الأرضون السبع فنظر ما فيهن .
13451 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن
عنبسة ، عن
سالم ، عن
سعيد بن جبير : "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " قال : كشف له عن أديم السماوات والأرض ، حتى نظر إليهن على صخرة ، والصخرة على حوت ، والحوت على خاتم رب العزة لا إله إلا الله .
13452 - حدثنا
هناد nindex.php?page=showalam&ids=13631وابن وكيع قالا : حدثنا
أبو معاوية ، عن
عاصم ،
[ ص: 473 ] عن
أبي عثمان ، عن
سلمان قال : لما رأى
إبراهيم ملكوت السماوات والأرض ، رأى عبدا على فاحشة ، فدعا عليه ، فهلك . ثم رأى آخر على فاحشة ، فدعا عليه فهلك . ثم رأى آخر على فاحشة ، فدعا عليه فهلك . فقال : أنزلوا عبدي لا يهلك عبادي !
13453 - حدثنا
هناد قال : حدثنا
قبيصة ، عن
سفيان ، عن
طلحة بن عمرو ، عن
عطاء قال : لما رفع الله
إبراهيم في الملكوت في السماوات ، أشرف فرأى عبدا يزني ، فدعا عليه ، فهلك . ثم رفع فأشرف ، فرأى عبدا يزني ، فدعا عليه ، فهلك . ثم رفع فأشرف ، فرأى عبدا يزني ، فدعا عليه ، فنودي : على رسلك يا إبراهيم ، فإنك عبد مستجاب لك ، وإني من عبدي على ثلاث : إما أن يتوب إلي فأتوب عليه ، وإما أن أخرج منه ذرية طيبة ، وإما أن يتمادى فيما هو فيه ، فأنا من ورائه .
13454 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
ابن أبي عدي ومحمد بن جعفر وعبد الوهاب ، عن
عوف ، عن
أسامة : أن
إبراهيم خليل الرحمن حدث نفسه أنه أرحم الخلق ، وأن الله رفعه حتى أشرف على أهل الأرض ، فأبصر أعمالهم . فلما رآهم يعملون بالمعاصي قال : اللهم دمر عليهم ! فقال له ربه : أنا أرحم بعبادي منك ، اهبط ، فلعلهم أن يتوبوا إلي ويراجعوا .
وقال آخرون : بل معنى ذلك ، ما أخبر تعالى أنه أراه من النجوم والقمر والشمس .
ذكر من قال ذلك :
13455 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
أبو خالد الأحمر ، عن
جويبر ، عن
الضحاك : "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " قال : الشمس والقمر والنجوم .
[ ص: 474 ]
13456 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
عبد الرحمن قال : حدثنا
سفيان ، عن
منصور ، عن
مجاهد : "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " قال : الشمس والقمر .
13457 - حدثنا
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال حدثني
معاوية ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قوله : "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " يعني به الشمس والقمر والنجوم .
13458 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة قال : خبئ
إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - من جبار من الجبابرة ، فجعل له رزقه في أصابعه ، فإذا مص إصبعا من أصابعه وجد فيها رزقا . فلما خرج ، أراه الله ملكوت السماوات والأرض . فكان ملكوت السماوات : الشمس والقمر والنجوم ، وملكوت الأرض : الجبال والشجر والبحار .
13459 - حدثنا
بشر بن معاذ ، قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : ذكر لنا أن نبي الله
إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - ، فر به من جبار مترف ، فجعل في سرب ، وجعل رزقه في أطرافه ، فجعل لا يمص إصبعا من أصابعه إلا وجد فيها رزقا . فلما خرج من ذلك السرب ، أراه الله ملكوت السماوات ، فأراه شمسا وقمرا ونجوما وسحابا وخلقا عظيما ، وأراه ملكوت الأرض ، فأراه جبالا وبحورا وأنهارا وشجرا ومن كل الدواب وخلقا عظيما .
[ ص: 475 ]
قال
أبو جعفر : وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب ، قول من قال : عنى الله - تعالى ذكره - بقوله : "
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " أنه أراه ملك السماوات والأرض ، وذلك ما خلق فيهما من الشمس والقمر والنجوم والشجر والدواب وغير ذلك من عظيم سلطانه فيهما ، وجلى له بواطن الأمور وظواهرها ، لما ذكرنا قبل من معنى " الملكوت " في كلام
العرب ، فيما مضى قبل .
وأما قوله : "
وليكون من الموقنين " فإنه يعني أنه أراه ملكوت السماوات والأرض ، ليكون ممن يقر بتوحيد الله ، ويعلم حقيقة ما هداه له وبصره إياه ، من معرفة وحدانيته ، وما عليه قومه من الضلالة ، من عبادتهم الأصنام ، واتخاذهم إياها آلهة دون الله تعالى .
وكان
ابن عباس يقول في تأويل ذلك ، ما : -
13460 - حدثني به
محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : "
وليكون من الموقنين " أنه جلى له الأمر سره وعلانيته ، فلم يخف عليه شيء من أعمال الخلائق . فلما جعل يلعن أصحاب الذنوب ، قال الله : إنك لا تستطيع هذا ! فرده الله كما كان قبل ذلك .
فتأويل ذلك على هذا التأويل : أريناه ملكوت السماوات والأرض ليكون ممن يوقن علم كل شيء حسا لا خبرا .
[ ص: 476 ]
13461 - حدثني
العباس بن الوليد قال أخبرني أبي قال : حدثنا
ابن جابر قال وحدثنا
الأوزاعي أيضا قال : حدثني
خالد بن اللجلاج قال : سمعت
عبد الرحمن بن عائش الحضرمي nindex.php?page=hadith&LINKID=812180يقول : صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة ، فقال له قائل : ما رأيتك أسفر وجها منك الغداة ! قال : وما لي ، وقد تبدى لي ربي في أحسن صورة ، فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى ، يا محمد ؟ قلت : أنت أعلم [ يا رب ] ! فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي ، فعلمت ما في السماوات والأرض . ثم تلا هذه الآية : " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين " .