القول في تأويل قوله (
وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هداني ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون ( 80 ) )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : وجادل
إبراهيم قومه في توحيد الله وبراءته من الأصنام ، وكان جدالهم إياه قولهم : أن آلهتهم التي يعبدونها خير من إلهه . قال
إبراهيم : "
أتحاجوني في الله " يقول : أتجادلونني في توحيدي الله وإخلاصي العمل له دون ما سواه من آلهة "
وقد هدان " يقول : وقد وفقني ربي لمعرفة وحدانيته ، وبصرني طريق الحق حتى أيقنت أن لا شيء يستحق أن يعبد سواه "
ولا أخاف ما تشركون به " يقول : ولا أرهب من آلهتكم التي
[ ص: 489 ] تدعونها من دونه شيئا ينالني به في نفسي من سوء ومكروه . وذلك أنهم قالوا له : " إنا نخاف أن تمسك آلهتنا بسوء من برص أو خبل ، لذكرك إياها بسوء " ! فقال لهم
إبراهيم : لا أخاف ما تشركون بالله من هذه الآلهة أن تنالني بضر ولا مكروه ، لأنها لا تنفع ولا تضر "
إلا أن يشاء ربي شيئا " يقول : ولكن خوفي من الله الذي خلقني وخلق السماوات والأرض ، فإنه إن شاء أن ينالني في نفسي أو مالي بما شاء من فناء أو بقاء ، أو زيادة أو نقصان أو غير ذلك ، نالني به ، لأنه القادر على ذلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك كان
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج يقول :
13466 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : "
وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان " ، قال : دعا قومه مع الله آلهة ، وخوفوه بآلهتهم أن يصيبه منها خبل ، فقال إبراهيم : "
أتحاجوني في الله وقد هدان " قال : قد عرفت ربي ، لا أخاف ما تشركون به .
"
وسع ربي كل شيء علما " يقول : وعلم ربي كل شيء ، فلا يخفى عليه شيء ، لأنه خالق كل شيء ، وليس كالآلهة التي لا تضر ولا تنفع ولا تفهم شيئا ، وإنما هي خشبة منحوتة ، وصورة ممثلة "
أفلا تتذكرون " يقول : أفلا تعتبرون ، أيها الجهلة ، فتعقلوا خطأ ما أنتم عليه مقيمون ، من عبادتكم صورة مصورة وخشبة منحوتة ، لا تقدر على ضر ولا على نفع ، ولا تفقه شيئا ولا تعقله ، وترككم عبادة من خلقكم وخلق كل شيء ، وبيده الخير ، وله القدرة على كل شيء ، والعالم بكل شيء .