[ ص: 490 ] القول في تأويل قوله (
وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون ( 81 ) )
قال
أبو جعفر : وهذا جواب
إبراهيم لقومه حين خوفوه من آلهتهم أن تمسه ، لذكره إياها بسوء ، في نفسه بمكروه ، فقال لهم : وكيف أخاف وأرهب ما أشركتموه في عبادتكم ربكم فعبدتموه من دونه ، وهو لا يضر ولا ينفع ؟ ولو كانت تنفع أو تضر ، لدفعت عن أنفسها كسري إياها وضربي لها بالفأس ! وأنتم لا تخافون الله الذي خلقكم ورزقكم ، وهو القادر على نفعكم وضركم في إشراككم في عبادتكم إياه "
ما لم ينزل به عليكم سلطانا " يعني : ما لم يعطكم على إشراككم إياه في عبادته حجة ، ولم يضع لكم عليه برهانا ، ولم يجعل لكم به عذرا "
فأي الفريقين أحق بالأمن " يقول : أنا أحق بالأمن من عاقبة عبادتي ربي مخلصا له العبادة ، حنيفا له ديني ، بريئا من عبادة الأوثان والأصنام ، أم أنتم الذين تعبدون من دون الله أصناما لم يجعل الله لكم بعبادتكم إياها برهانا ولا حجة "
إن كنتم تعلمون " يقول : إن كنتم تعلمون صدق ما أقول ، وحقيقة ما أحتج به عليكم ، فقولوا وأخبروني : أي الفريقين أحق بالأمن ؟
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، كان
محمد بن إسحاق يقول فيما : -
13467 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة قال قال
محمد بن إسحاق في قوله : "
وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله " يقول :
[ ص: 491 ] كيف أخاف وثنا تعبدون من دون الله لا يضر ولا ينفع ، ولا تخافون أنتم الذي يضر وينفع ، وقد جعلتم معه شركاء لا تضر ولا تنفع ؟ "
فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون " أي : بالأمن من عذاب الله في الدنيا والآخرة ، الذي يعبد الذي بيده الضر والنفع ، أم الذي يعبد ما لا يضر ولا ينفع ؟ يضرب لهم الأمثال ، ويصرف لهم العبر ، ليعلموا أن الله هو أحق أن يخاف ويعبد مما يعبدون من دونه .
13468 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع قال : أفلج الله
إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - حين خاصمهم ، فقال : "
وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون " ؟ ثم قال : "
وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه " .
13469 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قول
إبراهيم حين سألهم : "
أي الفريقين أحق بالأمن " هي حجة
إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - .
13470 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله - تعالى ذكره - ، قال
إبراهيم حين سألهم : "
فأي الفريقين أحق بالأمن " ؟ قال : وهي حجة
إبراهيم عليه السلام .
13471 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : "
فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون " أمن يعبد ربا واحدا ، أم من يعبد أربابا كثيرة ؟ يقول قومه : الذين آمنوا برب واحد .
13472 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال قال
ابن زيد في
[ ص: 492 ] قوله : "
فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون " أمن خاف غير الله ولم يخفه ، أم من خاف الله ولم يخف غيره ؟ فقال الله - تعالى ذكره - : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " الآية .