[ ص: 70 ] القول في تأويل قوله تعالى (
وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون ( 53 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله : (
وإذ آتينا موسى الكتاب ) : واذكروا أيضا إذ آتينا
موسى الكتاب والفرقان . ويعني ب " الكتاب " : التوراة ، وب " الفرقان " : الفصل بين الحق والباطل ، كما : -
928 - حدثني
المثنى بن إبراهيم قال حدثنا
أبو جعفر ، عن
الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية ، في
قوله : ( وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان ) ، قال : فرق به بين الحق والباطل .
929 - حدثني
محمد بن عمرو الباهلي قال ، حدثنا
أبو عاصم قال ، حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله : (
وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان ) ، قال : الكتاب : هو الفرقان ، فرقان بين الحق والباطل .
930 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
931 - وحدثني
القاسم بن الحسن قال ، حدثنا
الحسين قال ، حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، قوله : (
وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان ) ، قال : الكتاب هو الفرقان ، فرق بين الحق والباطل .
932 - حدثنا
القاسم قال ، حدثنا
الحسين قال ، حدثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال ، وقال
ابن عباس : " الفرقان " : جماع اسم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان .
وقال
ابن زيد في ذلك بما : -
933 - حدثني به
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى قال ، أخبرنا
ابن وهب . قال :
[ ص: 71 ] سألته - يعني
ابن زيد - عن قول الله عز وجل : (
وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان ) فقال : أما " الفرقان " الذي قال الله جل وعز : (
يوم الفرقان يوم التقى الجمعان ) [ الأنفال : 41 ] ، فذلك يوم
بدر ، يوم فرق الله بين الحق والباطل ، والقضاء الذي فرق به بين الحق والباطل . قال : فكذلك أعطى الله
موسى الفرقان ، فرق الله بينهم ، وسلمه وأنجاه ، فرق بينهم بالنصر . فكما جعل الله ذلك بين
محمد صلى الله عليه وسلم والمشركين ، فكذلك جعله بين
موسى وفرعون .
قال
أبو جعفر : وأولى هذين التأويلين بتأويل الآية ، ما روي عن
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية ومجاهد : من أن الفرقان الذي ذكر الله أنه آتاه
موسى في هذا الموضع ، هو الكتاب الذي فرق به بين الحق والباطل ، وهو نعت للتوراة وصفة لها . فيكون تأويل الآية حينئذ : وإذ آتينا
موسى التوراة التي كتبناها له في الألواح وفرقنا بها بين الحق والباطل .
فيكون " الكتاب " نعتا للتوراة أقيم مقامها ، استغناء به عن ذكر التوراة ، ثم عطف عليه ب " الفرقان " ، إذ كان من نعتها .
وقد بينا معنى " الكتاب " فيما مضى من كتابنا هذا ، وأنه بمعنى المكتوب .
وإنما قلنا هذا التأويل أولى بالآية ، وإن كان محتملا غيره من التأويل ، لأن الذي قبله من ذكر " الكتاب " ، وأن معنى " الفرقان " الفصل - وقد دللنا على ذلك فيما مضى من كتابنا هذا - ، فإلحاقه إذ كان كذلك ، بصفة ما وليه أولى من إلحاقه بصفة ما بعد منه .
[ ص: 72 ] وأما تأويل قوله : (
لعلكم تهتدون ) ، فنظير تأويل قوله : (
لعلكم تشكرون ) ، ومعناه لتهتدوا .
وكأنه قال : واذكروا أيضا إذ آتينا
موسى التوراة التي تفرق بين الحق والباطل لتهتدوا بها ، وتتبعوا الحق الذي فيها ، لأني جعلتها كذلك هدى لمن اهتدى بها واتبع ما فيها .