القول في تأويل قوله (
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ( 82 ) )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في الذي أخبر - تعالى ذكره - عنه أنه قال هذا القول ، أعني : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " الآية .
فقال بعضهم : هذا فصل القضاء من الله بين
إبراهيم خليله - صلى الله عليه وسلم - ، وبين من حاجه من قومه من أهل الشرك بالله ، إذ قال لهم إبراهيم : "
وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون " ؟ فقال الله - تعالى ذكره - ، فاصلا بينه وبينهم : الذين صدقوا الله وأخلصوا له العبادة ، ولم يخلطوا عبادتهم إياه وتصديقهم له بظلم يعني : بشرك ولم يشركوا في عبادته شيئا ، ثم جعلوا عبادتهم لله خالصا ، أحق بالأمن من عقابه مكروه عبادته ربه ، من الذين يشركون في عبادتهم إياه الأوثان والأصنام ، فإنهم الخائفون من عقابه مكروه عبادتهم ، أما في عاجل الدنيا فإنهم وجلون من حلول سخط الله بهم ، وأما في الآخرة ، فإنهم الموقنون بأليم عذاب الله .
[ ص: 493 ]
ذكر من قال ذلك :
13473 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13655سلمة بن الفضل قال : حدثنا
محمد بن إسحاق قال يقول الله - تعالى ذكره - : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " أي : الذين أخلصوا كإخلاص
إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - لعبادة الله وتوحيده "
ولم يلبسوا أيمانهم بظلم " أي : بشرك "
أولئك لهم الأمن وهم مهتدون " الأمن من العذاب ، والهدى في الحجة بالمعرفة والاستقامة . يقول الله - تعالى ذكره - : "
وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم " .
13474 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال قال
ابن زيد في قوله : "
فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون " قال فقال الله وقضى بينهم : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال : بشرك . قال : "
أولئك لهم الأمن وهم مهتدون " فأما الذنوب فليس يبرأ منها أحد .
وقال آخرون : هذا جواب من قوم
إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -
لإبراهيم ، حين قال لهم : "
أي الفريقين أحق بالأمن " ؟ فقالوا له : الذين آمنوا بالله فوحدوه أحق بالأمن ، إذا لم يلبسوا إيمانهم بظلم .
ذكر من قال ذلك :
13475 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : "
فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون " أمن يعبد ربا واحدا أم من يعبد أربابا كثيرة ؟ يقول قومه : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " بعبادة الأوثان ، وهي حجة
إبراهيم " أولئك لهم الأمن وهم مهتدون " .
[ ص: 494 ]
قال
أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب ، قول من قال : هذا خبر من الله - تعالى ذكره - عن أولى الفريقين بالأمن ، وفصل قضاء منه بين
إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وبين قومه . وذلك أن ذلك لو كان من قول قوم
إبراهيم الذين كانوا يعبدون الأوثان ويشركونها في عبادة الله ، لكانوا قد أقروا بالتوحيد واتبعوا
إبراهيم على ما كانوا يخالفونه فيه من التوحيد ، ولكنه كما ذكرت من تأويله بديا .
واختلف أهل التأويل في المعنى الذي عناه الله تعالى بقوله : "
ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " .
فقال بعضهم : بشرك .
ذكر من قال ذلك :
13476 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
ابن إدريس قال : حدثنا
الأعمش ، عن
إبراهيم ، عن
علقمة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=810499عن عبد الله قال : لما نزلت هذه الآية : " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " شق ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا ترون إلى قول لقمان : إن الشرك لظلم عظيم ، [ سورة لقمان : 13 ] ؟
13477 - قال
أبو كريب قال
ابن إدريس ، حدثنيه أولا أبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11793أبان بن تغلب ، عن
الأعمش ، ثم سمعته قيل له : من
الأعمش ؟ قال : نعم !
[ ص: 495 ]
13478 - حدثني
عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي قال حدثني عمي
يحيى بن عيسى ، عن
الأعمش ، عن
إبراهيم ، عن
علقمة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=811483عن عبد الله قال : لما نزلت : " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " شق ذلك على المسلمين ، فقالوا : يا رسول الله ، ما منا أحد إلا وهو يظلم نفسه ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ليس بذلك ، ألا تسمعون إلى قول لقمان لابنه إن الشرك لظلم عظيم ؟
13479 - حدثنا
هناد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
الأعمش ، عن
إبراهيم ، عن
علقمة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=810500عن عبد الله قال : لما نزلت هذه الآية : " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " شق ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا : أينا لم يظلم نفسه ؟ قال : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ليس كما تظنون ، وإنما هو ما قال لقمان لابنه : لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم .
13480 - حدثنا
هناد قال : حدثنا
أبو معاوية ، عن
الأعمش ، عن
إبراهيم ، عن
علقمة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=810501عن عبد الله قال : لما نزلت هذه الآية : [ ص: 496 ] " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " شق ذلك على الناس ، فقالوا : يا رسول الله ، وأينا لا يظلم نفسه ؟ فقال : " إنه ليس كما تعنون ، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح : يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ؟ إنما هو الشرك .
13481 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
عبد الرحمن قال : حدثنا
سفيان ، عن
الأعمش ، عن
إبراهيم ، عن
علقمة في قوله : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال : بشرك .
13482 - حدثني
يحيى بن طلحة اليربوعي قال : حدثنا
فضيل ، عن
منصور ، عن
إبراهيم في قوله : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال : بشرك .
13483 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
جرير عن
الأعمش ، عن
إبراهيم ، عن
علقمة ، عن
عبد الله nindex.php?page=hadith&LINKID=810502قال : لما نزلت هذه الآية : " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " شق ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقالوا : أينا لم يلبس إيمانه بظلم ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ليس بذلك ، ألم تسمعوا قول لقمان : إن الشرك لظلم عظيم ؟
13484 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
جرير وابن إدريس ، عن
الشيباني ، عن
أبي بكر بن أبي موسى ، عن
الأسود بن هلال ، عن
أبي بكر : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال : بشرك .
[ ص: 497 ]
13485 - حدثنا
هناد قال : حدثنا
قبيصة ، عن
يونس بن أبي إسحاق ، عن
أبي إسحاق ، عن
أبي بكر : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال : بشرك .
13486 - حدثنا
هناد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سعيد بن عبيد الطائي ، عن
أبي الأشعر العبدي ، عن أبيه : أن
زيد بن صوحان سأل
سلمان فقال : يا
أبا عبد الله ، آية من كتاب الله قد بلغت مني كل مبلغ : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " ! فقال
سلمان : هو الشرك بالله - تعالى ذكره - . فقال
زيد : ما يسرني بها أني لم أسمعها منك ، وأن لي مثل كل شيء أمسيت أملكه .
[ ص: 498 ]
13487 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
سعيد بن عبيد ، عن
أبي الأشعر ، عن أبيه ، عن
سلمان قال : بشرك .
13488 - حدثنا
ابن بشار nindex.php?page=showalam&ids=13631وابن وكيع قالا : حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا
سفيان قال : حدثنا
نسير بن دعلوق ، عن
كردوس ، عن
حذيفة في قوله : "
ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال : بشرك .
13489 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون قال : أخبرنا
هشيم ، عن
أبي إسحاق الكوفي ، عن رجل ، عن
عيسى ، عن
حذيفة في قوله : "
ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال : بشرك .
13490 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16272عارم أبو النعمان قال : حدثنا
حماد بن زيد ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير وغيره : أن
ابن عباس كان يقول : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال : بشرك .
13491 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " يقول : بكفر .
[ ص: 499 ]
13492 - حدثني
محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " يقول : لم يلبسوا إيمانهم بالشرك . وقال : (
إن الشرك لظلم عظيم ) . [ سورة لقمان : 13 ]
13493 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17206نصر بن علي الجهضمي قال حدثني أبي قال : حدثنا
جرير بن حازم ، عن
علي بن زيد ، عن
المسيب : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قرأ : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " فلما قرأها فزع ، فأتى
أبي بن كعب فقال : يا أبا المنذر ، قرأت آية من كتاب الله ، من يسلم ؟ فقال : ما هي ؟ فقرأها عليه ، فأينا لا يظلم نفسه ؟ فقال : غفر الله لك ! أما سمعت الله - تعالى ذكره - يقول :
إن الشرك لظلم عظيم ) ؟ إنما هو : ولم يلبسوا إيمانهم بشرك .
13494 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، عن
حماد بن سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16621علي بن زيد بن جدعان ، عن
يوسف بن مهران ، عن
ابن عباس : أن عمر دخل منزله فقرأ في المصحف ، فمر بهذه الآية : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " فأتى
أبيا فأخبره ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنما هو الشرك .
13495 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
الحجاج بن المنهال قال : حدثنا
حماد ، عن
علي بن زيد ، عن
يوسف بن مهران ، عن [
ابن مهران ] : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأه ، فدخل ذات يوم فقرأ ، فأتى على هذه الآية : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون "
[ ص: 500 ] فانفتل وأخذ رداءه ، ثم أتى
أبي بن كعب فقال : يا أبا المنذر فتلا هذه الآية : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " وقد ترى أنا نظلم ، ونفعل ونفعل ! فقال : يا أمير المؤمنين ، إن هذا ليس بذاك ، يقول الله - تعالى ذكره - : (
إن الشرك لظلم عظيم ) ، إنما ذلك الشرك .
13496 - حدثنا
هناد قال : حدثنا
ابن فضيل ، عن
مطرف ، عن
أبي عثمان عمرو بن سالم قال : قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب هذه الآية : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " فقال
عمر : قد أفلح من لم يلبس إيمانه بظلم ! فقال
أبي : يا أمير المؤمنين ، ذاك الشرك !
13497 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
أسباط ، عن
محمد بن مطرف ، عن
ابن سالم قال : قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، فذكر نحوه .
13498 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
عبد الرحمن قال : حدثنا
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
أبي ميسرة في قوله : "
ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال : بشرك .
13499 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
سفيان ، عن
أبي إسحاق عن
أبي ميسرة مثله .
13500 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
حسين ، عن
علي ، عن
زائدة ،
[ ص: 501 ] عن
الحسن بن عبيد الله ، عن
إبراهيم : "
ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال : بشرك .
13501 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " أي : بشرك .
13502 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
حميد ، عن أبيه ، عن
أبي إسحاق ، عن
أبي ميسرة مثله .
13503 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال : بعبادة الأوثان .
13504 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
13505 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال : بشرك .
13506 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا
ابن وهب قال قال
ابن زيد في قوله : "
ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال : بشرك .
13507 - حدثني
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
الأعمش : أن
ابن مسعود nindex.php?page=hadith&LINKID=811484قال : لما نزلت : " ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " كبر ذلك على المسلمين ، فقالوا : يا رسول الله ، ما منا أحد إلا وهو يظلم نفسه ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أما سمعتم قول لقمان : إن الشرك لظلم عظيم ؟
[ ص: 502 ]
13508 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
محمد بن عبد الرحمن ، عن
القاسم بن أبي بزة ، عن
مجاهد في قوله : "
ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال : عبادة الأوثان .
13509 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
محمد بن بشر ، عن
مسعر ، عن
أبي حصين ، عن
أبي عبد الرحمن ، قال : بشرك .
13510 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة قال قال
ابن إسحاق : "
ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال : بشرك .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولم يخلطوا إيمانهم بشيء من معاني الظلم ، وذلك : فعل ما نهى الله عن فعله ، أو ترك ما أمر الله بفعله ، وقالوا : الآية على العموم ، لأن الله لم يخص به معنى من معاني الظلم .
قالوا : فإن قال لنا قائل : أفلا أمن في الآخرة ، إلا لمن لم يعص الله في صغيرة ولا كبيرة ، وإلا لمن لقي الله ولا ذنب له ؟
قلنا : إن الله عنى بهذه الآية خاصا من خلقه دون الجميع منهم ، والذي عنى بها وأراده بها ، خليله
إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - ، فأما غيره ، فإنه إذا لقي الله لا يشرك به شيئا فهو في مشيئته إذا كان قد أتى بعض معاصيه التي لا تبلغ أن تكون كفرا ، فإن شاء لم يؤمنه من عذابه ، وإن شاء تفضل عليه فعفا عنه .
قالوا : وذلك قول جماعة من السلف ، وإن كانوا مختلفين في المعني بالآية .
فقال بعضهم : عني بها
إبراهيم .
[ ص: 503 ]
وقال بعضهم : عني بها المهاجرون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ذكر من قال : عنى بهذه الآية
إبراهيم خليل الرحمن - صلى الله عليه وسلم - .
13511 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
يحيى بن يمان وحميد بن عبد الرحمن ، عن
قيس بن الربيع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15939زياد بن علاقة ، عن
زياد بن حرملة ، عن
علي قال : هذه الآية
لإبراهيم - صلى الله عليه وسلم - خاصة ، ليس لهذه الأمة منها شيء .
ذكر من قال : عني بها المهاجرون خاصة .
13512 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
يحيى بن يمان وحميد بن عبد الرحمن ، عن
قيس بن الربيع ، عن
سماك ، عن
عكرمة : "
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " قال : هي لمن هاجر إلى
المدينة .
قال
أبو جعفر : وأولى القولين بالصحة في ذلك ، ما صح به الخبر
nindex.php?page=hadith&LINKID=811485عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو الخبر الذي رواه ابن مسعود عنه أنه قال : الظلم الذي ذكره الله تعالى [ ص: 504 ] ذكره في هذا الموضع ، هو الشرك .
وأما قوله : "
أولئك لهم الأمن وهم مهتدون " فإنه يعني : هؤلاء الذين آمنوا ولم يخلطوا إيمانهم بشرك "
لهم الأمن " يوم القيامة من عذاب الله "
وهم مهتدون " يقول : وهم المصيبون سبيل الرشاد ، والسالكون طريق النجاة .