القول في تأويل قوله (
أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : "
أولئك " هؤلاء القوم الذين وكلنا بآياتنا وليسوا بها بكافرين ، هم الذين هداهم الله لدينه الحق ، وحفظ ما وكلوا بحفظه من آيات كتابه ، والقيام بحدوده ، واتباع حلاله وحرامه ، والعمل بما فيه من أمر الله ، والانتهاء عما فيه من نهيه ، فوفقهم جل ثناؤه لذلك " فبهداهم اقتده "
[ ص: 519 ] يقول - تعالى ذكره - : فبالعمل الذي عملوا ، والمنهاج الذي سلكوا ، وبالهدى الذي هديناهم ، والتوفيق الذي وفقناهم " اقتده " يا
محمد ، أي : فاعمل ، وخذ به واسلكه ، فإنه عمل لله فيه رضا ، ومنهاج من سلكه اهتدى .
وهذا التأويل على مذهب من تأول قوله : "
فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين " أنهم الأنبياء المسمون في الآيات المتقدمة . وهو القول الذي اخترناه في تأويل ذلك .
وأما على تأويل من تأول ذلك : أن القوم الذين وكلوا بها هم أهل
المدينة ، أو أنهم هم الملائكة ، فإنهم جعلوا قوله : "
فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين " اعتراضا بين الكلامين ، ثم ردوا قوله : "
أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده " على قوله : "
أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة " .
ذكر من قال ذلك :
13531 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قوله : "
ووهبنا له إسحاق ويعقوب " إلى قوله : "
أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده " يا
محمد .
13532 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال قال
ابن زيد في قوله : "
أولئك الذين هدى الله " يا
محمد ، "
فبهداهم اقتده " ولا تقتد بهؤلاء .
13533 - حدثني
محمد بن الحسين قال حدثني
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال : ثم رجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال
أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده " .
13534 - حدثنا علي بن داود قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قال : ثم قال في الأنبياء
[ ص: 520 ] الذين سماهم في هذه الآية : "
فبهداهم اقتده " .
ومعنى : " الاقتداء " في كلام
العرب ، بالرجل : اتباع أثره ، والأخذ بهديه . يقال : " فلان يقدو فلانا " إذا نحا نحوه ، واتبع أثره ، " قدة ، وقدوة وقدوة وقدية " .