[ ص: 548 ] القول في تأويل قوله (
لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ( 94 ) )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - ، مخبرا عن قيله يوم القيامة لهؤلاء المشركين به الأنداد : "
لقد تقطع بينكم " يعني تواصلهم الذي كان بينهم في الدنيا ، ذهب ذلك اليوم ، فلا تواصل بينهم ولا تواد ولا تناصر ، وقد كانوا في الدنيا يتواصلون ويتناصرون ، فاضمحل ذلك كله في الآخرة ، فلا أحد منهم ينصر صاحبه ، ولا يواصله .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
13574 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
لقد تقطع بينكم " " البين " تواصلهم .
13575 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
لقد تقطع بينكم " قال : تواصلهم في الدنيا .
13576 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة : "
لقد تقطع بينكم " قال : وصلكم .
13577 - وحدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة في قوله : " لقد تقطع بينكم " قال : ما كان بينكم من الوصل .
13578 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال حدثني
[ ص: 549 ] معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : "
لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون " يعني الأرحام والمنازل .
13579 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
لقد تقطع بينكم " يقول : تقطع ما بينكم .
13580 - حدثنا
أبو كريب قال قال
أبو بكر بن عياش : "
لقد تقطع بينكم " التواصل في الدنيا .
واختلفت القرأة في [ قراءة ] قوله : " بينكم " .
فقرأته عامة قرأة أهل
المدينة نصبا ، بمعنى : لقد تقطع ما بينكم .
وقرأ ذلك عامة قرأة
مكة والعراقين :
لقد تقطع بينكم ) ، رفعا ، بمعنى : لقد تقطع وصلكم .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول عندي في ذلك أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان باتفاق المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب .
وذلك أن
العرب قد تنصب " بين " في موضع الاسم . ذكر سماعا منها : " أتاني نحوك ، ودونك ، وسواءك " نصبا في موضع الرفع . وقد ذكر عنها سماعا الرفع في " بين " إذا كان الفعل لها ، وجعلت اسما ، وينشد بيت مهلهل :
كأن رماحهم أشطان بئر بعيد بين جاليها جرور
[ ص: 550 ]
برفع " بين " إذ كانت اسما ، غير أن الأغلب عليهم في كلامهم النصب فيها في حال كونها صفة ، وفي حال كونها اسما .
وأما قوله : " وضل عنكم ما كنتم تزعمون " فإنه يقول : وحاد عن طريقكم ومنهاجكم ما كنتم من آلهتكم تزعمون أنه شريك ربكم ، وأنه لكم شفيع عند ربكم ، فلا يشفع لكم اليوم .