[ ص: 7 ] القول في تأويل قوله (
وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : وجعل هؤلاء العادلون بربهم الآلهة والأنداد لله شركاء الجن ، كما قال جل ثناؤه : (
وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ) [ سورة الصافات : 158 ] .
وفي الجن وجهان من النصب .
أحدهما : أن يكون تفسيرا للشركاء . .
والآخر : أن يكون معنى الكلام : وجعلوا لله الجن شركاء ، وهو خالقهم .
واختلفوا في قراءة قوله : " وخلقهم " .
فقرأته قراء الأمصار : ( وخلقهم ) ، على معنى أن الله خلقهم ، منفردا بخلقه إياهم . .
وذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر ما : -
13680 - حدثني به
أحمد بن يوسف قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12074القاسم بن سلام قال : حدثنا
حجاج ، عن
هارون ، عن
واصل مولى أبي عيينة ، عن
يحيى بن عقيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر : أنه قال : "
شركاء الجن وخلقهم " .
[ ص: 8 ]
بجزم " اللام " بمعنى أنهم قالوا : إن الجن شركاء لله في خلقه إيانا .
قال
أبو جعفر : وأولى القراءتين بالصواب ، قراءة من قرأ ذلك : ( وخلقهم ) ، لإجماع الحجة من القرأة عليها .
وأما قوله : (
وخرقوا له بنين وبنات بغير علم ) ، فإنه يعني بقوله : ( خرقوا ) اختلقوا .
يقال : " اختلق فلان على فلان كذبا " و " اخترقه " ، إذا افتعله وافتراه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
13681 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو صالح قال : حدثني
معاوية ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قوله : وجعلوا لله شركاء الجن والله خلقهم " وخرقوا له بنين وبنات " ، يعني أنهم تخرصوا .
13682 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : " وخرقوا له بنين وبنات بغير علم " ، قال : جعلوا له بنين وبنات بغير علم .
13683 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : " وخرقوا له بنين وبنات بغير علم " ، قال : كذبوا .
13684 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
13685 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة [ ص: 9 ] قوله : "
وجعلوا لله شركاء الجن " كذبوا " سبحانه وتعالى عما يصفون " ، عما يكذبون . أما
العرب فجعلوا له البنات ، ولهم ما يشتهون من الغلمان وأما
اليهود فجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون .
13686 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة : " وخرقوا له بنين وبنات بغير علم " قال : خرصوا له بنين وبنات .
13687 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
وخرقوا له بنين وبنات بغير علم " ، يقول : قطعوا له بنين وبنات . قالت
العرب : الملائكة بنات الله وقالت
اليهود والنصارى :
المسيح وعزير ابنا الله .
13688 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد في قوله : "
وخرقوا له بنين وبنات بغير علم " ، قال : " خرقوا " ، كذبوا ، لم يكن لله بنون ولا بنات قالت
النصارى :
المسيح ابن الله وقال المشركون : الملائكة بنات الله فكل خرقوا الكذب ، " وخرقوا " ، اخترقوا .
13689 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قوله : "
وجعلوا لله شركاء الجن " ، قال : قول الزنادقة " وخرقوا له " ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال
مجاهد : " خرقوا " ، كذبوا .
13690 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
أبو أسامة ، عن
جويبر ، عن
الضحاك : "
وخرقوا له بنين وبنات " ، قال : وصفوا له .
13691 - حدثنا
عمران بن موسى قال : حدثنا
عبد الوارث ، عن
أبي عمرو :
[ ص: 10 ] "
وخرقوا له بنين وبنات " ، قال : تفسيرها : وكذبوا .
قال
أبو جعفر : فتأويل الكلام إذا : وجعلوا لله الجن شركاء في عبادتهم إياه ، وهو المنفرد بخلقهم بغير شريك ولا معين ولا ظهير "
وخرقوا له بنين وبنات " ، يقول : وتخرصوا لله كذبا ، فافتعلوا له بنين وبنات بغير علم منهم بحقيقة ما يقولون ، ولكن جهلا بالله وبعظمته ، وأنه لا ينبغي لمن كان إلها أن يكون له بنون وبنات ولا صاحبة ، ولا أن يشركه في خلقه شريك .