القول في تأويل
قوله تعالى ( كلوا من طيبات ما رزقناكم )
وهذا مما استغني بدلالة ظاهره على ما ترك منه . وذلك أن تأويل الآية : وظللنا عليكم الغمام ، وأنزلنا عليكم المن والسلوى ، وقلنا لكم : كلوا من طيبات ما رزقناكم . فترك ذكر قوله : " وقلنا لكم " ، لما بينا من دلالة الظاهر في الخطاب عليه . وعنى جل ذكره بقوله : (
كلوا من طيبات ما رزقناكم ) : كلوا من شهيات رزقنا الذي رزقناكموه . وقد قيل عنى بقوله : (
من طيبات ما رزقناكم ) : من حلاله الذي أبحناه لكم فجعلناه لكم رزقا .
والأول من القولين أولى بالتأويل ، لأنه وصف ما كان القوم فيه من هنيء العيش الذي أعطاهم ، فوصف ذلك ب " الطيب " ، الذي هو بمعنى اللذة ، أحرى من وصفه بأنه حلال مباح .
و" ما " التي مع " رزقناكم " ، بمعنى " الذي " . كأنه قيل : كلوا من طيبات الرزق الذي رزقناكموه .