القول في تأويل قوله (
قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم ( 128 ) )
قال
أبو جعفر : وهذا خبر من الله تعالى ذكره عما هو قائل لهؤلاء الذين يحشرهم يوم القيامة من العادلين به في الدنيا الأوثان ، ولقرنائهم من الجن ، فأخرج الخبر عما هو كائن ، مخرج الخبر عما كان ، لتقدم الكلام قبله بمعناه والمراد منه ، فقال : قال الله لأولياء الجن من الإنس الذين قد تقدم خبره عنهم : ( النار مثواكم ) ، يعني : نار جهنم " مثواكم " ، الذي تثوون فيه ، أي تقيمون فيه .
و " المثوى " هو " المفعل " من قولهم : " ثوى فلان بمكان كذا " ، إذا أقام فيه .
[ ص: 118 ]
( خالدين فيها ) ، يقول : لابثين فيها ( إلا ما شاء الله ) ، يعني إلا ما شاء الله من قدر مدة ما بين مبعثهم من قبورهم إلى مصيرهم إلى جهنم ، فتلك المدة التي استثناها الله من خلودهم في النار ( إن ربك حكيم ) ، في تدبيره في خلقه ، وفي تصريفه إياهم في مشيئته من حال إلى حال ، وغير ذلك من أفعاله ( عليم ) ، بعواقب تدبيره إياهم ، وما إليه صائرة أمرهم من خير وشر .
وروي عن
ابن عباس أنه كان يتأول في هذا الاستثناء : أن الله جعل أمر هؤلاء القوم في مبلغ عذابه إياهم إلى مشيئته .
13892 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : (
قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم ) ، قال : إن هذه الآية : آية لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه ، أن لا ينزلهم جنة ولا نارا .