القول في تأويل قوله (
قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ( 149 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : قل ، يا
محمد ، لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام ، القائلين على ربهم الكذب ، في تحريمهم ما حرموا من الحروث والأنعام ، إن عجزوا عن إقامة الحجة عند قيلك لهم : " هل عندكم من علم بما تدعون على ربكم فتخرجوه لنا " ، وعن إخراج علم ذلك لك وإظهاره ، وهم لا شك عن ذلك عجزة ، وعن إظهاره مقصرون ؛ لأنه باطل لا حقيقة له ( فلله ) ، الذي حرم عليكم أن تشركوا به شيئا ، وأن تتبعوا
[ ص: 212 ] خطوات الشيطان في أموالكم من الحروث والأنعام ( الحجة البالغة ) ، دونكم أيها المشركون .
ويعني ب " البالغة " ، أنها تبلغ مراده في ثبوتها على من احتج بها عليه من خلقه ، وقطع عذره إذا انتهت إليه فيما جعلت حجة فيه .
(
فلو شاء لهداكم أجمعين ) ، يقول : فلو شاء ربكم لوفقكم أجمعين للإجماع على إفراده بالعبادة ، والبراءة من الأنداد والآلهة ، والدينونة بتحريم ما حرم الله وتحليل ما حلله الله ، وترك اتباع خطوات الشيطان ، وغير ذلك من طاعاته ، ولكنه لم يشأ ذلك ، فخالف بين خلقه فيما شاء منهم ، فمنهم كافر ومنهم مؤمن .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
14132 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع بن أنس قال : لا حجة لأحد عصى الله ، ولكن لله الحجة البالغة على عباده . وقال : ( فلو شاء لهداكم أجمعين ) ، قال :
لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) [ سورة الأنبياء : 23 ] .