القول في
تأويل قوله ( فلا يكن في صدرك حرج منه )
قال
أبو جعفر : يقول جل ثناؤه لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : فلا يضق صدرك ، يا
محمد ، من الإنذار به من أرسلتك لإنذاره به ، وإبلاغه من أمرتك بإبلاغه إياه ، ولا تشك في أنه من عندي ، واصبر للمضي لأمر الله واتباع طاعته فيما كلفك وحملك من عبء أثقال النبوة ، كما صبر أولو العزم من الرسل ، فإن الله معك .
و " الحرج " ، هو الضيق ، في كلام العرب ، وقد بينا معنى ذلك بشواهده وأدلته في قوله : ( ضيقا حرجا ) [ سورة الأنعام : 125 ] ، بما أغنى عن إعادته .
وقال أهل التأويل في ذلك ما : -
14316 - حدثني به
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس في قوله : ( فلا يكن في صدرك حرج منه ) ، قال : لا تكن في شك منه .
[ ص: 296 ]
14317 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله : ( فلا يكن في صدرك حرج منه ) ، قال : شك .
14318 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
14319 - حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور قال : حدثنا
معمر ، عن
قتادة : ( فلا يكن في صدرك حرج منه ) ، شك منه .
14320 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، مثله .
14321 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : ( فلا يكن في صدرك حرج منه ) ، قال : أما " الحرج " ، فشك .
14322 - حدثنا
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
أبو سعد المدني قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا في قوله : (
فلا يكن في صدرك حرج منه ) ، قال : شك من القرآن .
قال
أبو جعفر : وهذا الذي ذكرته من التأويل عن أهل التأويل ، هو معنى ما قلنا في " الحرج " ؛ لأن الشك فيه لا يكون إلا من ضيق الصدر به ، وقلة الاتساع لتوجيهه وجهته التي هي وجهته الصحيحة . وإنما اخترنا العبارة عنه بمعنى " الضيق " ؛ لأن ذلك هو الغالب عليه من معناه في كلام العرب ، كما قد بيناه قبل .