القول في
تأويل قوله ( قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين ( 24 ) )
قال
أبو جعفر : وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن فعله بإبليس وذريته ،
وآدم وولده ، والحية .
يقول تعالى ذكره
لآدم وحواء وإبليس والحية : اهبطوا من السماء إلى الأرض ، بعضكم لبعض عدو ، كما : -
[ ص: 358 ]
14413 - حدثنا
ابن وكيع قال ، حدثنا
عمرو بن طلحة ، عن
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
اهبطوا بعضكم لبعض عدو ) ، قال : فلعن الحية ، وقطع قوائمها ، وتركها تمشي على بطنها ، وجعل رزقها من التراب ، واهبطوا إلى الأرض :
آدم ، وحواء ، وإبليس ، والحية .
14414 - حدثنا
ابن وكيع قال ، حدثنا
أبو أسامة ، عن
أبي عوانة ، عن
إسماعيل بن سالم ، عن
أبي صالح : (
اهبطوا بعضكم لبعض عدو ) ، قال :
آدم ، وحواء ، والحية .
وقوله : (
ولكم في الأرض مستقر ) ، يقول : ولكم ، يا
آدم وحواء ، وإبليس والحية في الأرض قرار تستقرونه ، وفراش تمتهدونه ، كما : -
14415 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
آدم العسقلاني قال ، حدثنا
أبو جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية في قوله : (
ولكم في الأرض مستقر ) ، قال : هو قوله : (
الذي جعل لكم الأرض فراشا ) ، [ سورة البقرة : 22 ] .
وروي عن
ابن عباس في ذلك ، ما : -
14416 - حدثت عن
عبيد الله ، عن
إسرائيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عمن حدثه ، عن
ابن عباس قوله : (
ولكم في الأرض مستقر ) ، قال : القبور .
[ ص: 359 ]
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر
آدم وحواء وإبليس والحية ، إذ أهبطوا إلى الأرض : أنهم عدو بعضهم لبعض ، وأن لهم فيها مستقرا يستقرون فيه ، ولم يخصصها بأن لهم فيها مستقرا في حال حياتهم دون حال موتهم ، بل عم الخبر عنها بأن لهم فيها مستقرا ، فذلك على عمومه ، كما عم خبر الله ، ولهم فيها مستقر في حياتهم على ظهرها ، وبعد وفاتهم في بطنها ، كما قال جل ثناؤه : (
ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا ) ، [ سورة المرسلات : 25 - 26 ] .
وأما قوله : ( ومتاع إلى حين ) ، فإنه يقول جل ثناؤه : " ولكم فيها متاع " ، تستمتعون به إلى انقطاع الدنيا ، وذلك هو الحين الذي ذكره ، كما : -
14417 - حدثت عن
nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى قال ، أخبرنا
إسرائيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عمن حدثه ، عن
ابن عباس : ( ومتاع إلى حين ) ، قال : إلى يوم القيامة وإلى انقطاع الدنيا .
و " الحين " نفسه : الوقت ، غير أنه مجهول القدر ، يدل على ذلك قول الشاعر :
وما مراحك بعد الحلم والدين وقد علاك مشيب حين لا حين
أي وقت لا وقت .