القول في
تأويل قوله ( قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون ( 38 ) )
قال
أبو جعفر : وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن محاورة الأحزاب من أهل الملل الكافرة في النار يوم القيامة . يقول الله تعالى ذكره : فإذا اجتمع أهل الملل الكافرة في النار فاداركوا ، قالت أخرى أهل كل ملة دخلت النار الذين كانوا في الدنيا بعد أولى منهم تقدمتها وكانت لها سلفا وإماما في الضلالة والكفر لأولاها الذين كانوا قبلهم في الدنيا : ربنا هؤلاء أضلونا عن سبيلك ، ودعونا إلى عبادة غيرك ، وزينوا لنا طاعة الشيطان ، فآتهم اليوم من عذابك الضعف على عذابنا ، كما : -
14593 - حدثني
محمد بن الحسين قال ، حدثنا
أحمد بن مفضل قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
قالت أخراهم " ، الذين كانوا في آخر الزمان " لأولاهم " ، الذين شرعوا لهم ذلك الدين (
ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار )
وأما قوله : (
قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون ) ، فإنه خبر من الله عن جوابه لهم ، يقول : قال الله للذين
[ ص: 418 ] يدعونه فيقولون : "
ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار " : لكلكم ، أولكم وآخركم ، وتابعوكم ومتبعوكم " ضعف " ، يقول : مكرر عليه العذاب .
و " ضعف الشيء " ، مثله مرة .
وكان
مجاهد يقول في ذلك ما : -
14594 - حدثني
محمد بن عمرو قال ، حدثنا
أبو عاصم قال ، حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله : (
عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ) ، مضعف .
14595 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
14596 - حدثني
محمد بن الحسين قال ، حدثنا
أحمد بن المفضل قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال الله : (
لكل ضعف ) ، للأولى ، وللآخرة ضعف .
14597 - حدثنا
ابن بشار قال ، حدثنا
عبد الرحمن قال ، حدثنا
سفيان قال ، حدثني غير واحد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
مرة ، عن
عبد الله : (
ضعفا من النار ) ، قال : أفاعي .
14598 - حدثني
الحارث قال ، حدثنا
عبد العزيز قال ، حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
مرة ، عن
عبد الله : (
فآتهم عذابا ضعفا من النار ) ، قال : حيات وأفاعي .
[ ص: 419 ]
وقيل : إن " المضعف " ، في كلام العرب ، ما كان ضعفين ، و " المضاعف " ، ما كان أكثر من ذلك .
وقوله : ( ولكن لا تعلمون ) ، يقول : ولكنكم ، يا معشر أهل النار ، لا تعلمون ما قدر ما أعد الله لكم من العذاب ، فلذلك تسأل الضعف منه الأمة الكافرة الأخرى لأختها الأولى .