القول في
تأويل قوله ( يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون ( 46 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وعلى الأعراف رجال يعرفون أهل الجنة بسيماهم ، وذلك بياض وجوههم ، ونضرة النعيم عليها ويعرفون أهل النار كذلك بسيماهم ، وذلك سواد وجوههم ، وزرقة أعينهم ، فإذا رأوا أهل الجنة نادوهم : "
سلام عليكم " .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
[ ص: 462 ]
ذكر من قال ذلك :
14716 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
عبد الله بن صالح قال ، حدثني
معاوية ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قوله : (
وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ) ، قال : يعرفون أهل النار بسواد الوجوه ، وأهل الجنة ببياض الوجوه .
14717 - حدثني
محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : (
وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ) ، قال : أنزلهم الله بتلك المنزلة ، ليعرفوا من في الجنة والنار ، وليعرفوا أهل النار بسواد الوجوه ، ويتعوذوا بالله أن يجعلهم مع القوم الظالمين ، وهم في ذلك يحيون أهل الجنة بالسلام ، لم يدخلوها ، وهم يطمعون أن يدخلوها ، وهم داخلوها إن شاء الله .
14718 - حدثني
محمد بن عمرو قال ، حدثنا
أبو عاصم قال ، حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : ( بسيماهم ) ، قال : بسواد الوجوه ، وزرقة العيون .
14719 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ) ، الكفار بسواد الوجوه وزرقة العيون ، وسيما أهل الجنة مبيضة وجوههم .
14720 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون قال ، حدثنا
هشيم ، عن
جويبر ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس قال : أصحاب الأعراف إذا رأوا أصحاب الجنة عرفوهم ببياض الوجوه ، وإذا رأوا أصحاب النار عرفوهم بسواد الوجوه .
14721 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
سويد بن نصر قال ، أخبرنا
ابن المبارك ، عن
جويبر ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس قال : إن أصحاب الأعراف رجال كانت لهم ذنوب عظام ، وكان حسم أمرهم لله ، فأقيموا ذلك المقام ، إذا
[ ص: 463 ] نظروا إلى أهل النار عرفوهم بسواد الوجوه ، فقالوا : (
ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ) ، وإذا نظروا إلى أهل الجنة عرفوهم ببياض الوجوه ، فذلك قوله : (
ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون ) .
14722 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال ، سمعت
أبا معاذ قال ، حدثنا
عبيد بن سليمان قال ، سمعت
الضحاك في قوله : (
وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ) ، زعموا أن أصحاب الأعراف رجال من أهل الذنوب ، أصابوا ذنوبا ، وكان حسم أمرهم لله ، فجعلهم الله على الأعراف . فإذا نظروا إلى أهل النار عرفوهم بسواد الوجوه ، فتعوذوا بالله من النار . وإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوهم : " أن سلام عليكم " ، قال الله : (
لم يدخلوها وهم يطمعون ) . قال : وهذا قول
ابن عباس .
14723 - حدثني
محمد بن الحسين قال ، حدثنا
أحمد بن المفضل قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
يعرفون كلا بسيماهم ) ، يعرفون الناس بسيماهم ، يعرفون أهل النار بسواد وجوههم ، وأهل الجنة ببياض وجوههم .
14724 - حدثنا
بشر بن معاذ قال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع قال ، حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
يعرفون كلا بسيماهم ) ، يعرفون أهل النار بسواد وجوههم ، وأهل الجنة ببياض وجوههم .
14725 - حدثني
يونس قال ، أخبرنا
ابن وهب قال ، قال
ابن زيد في قوله : (
وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ) ، قال : أهل الجنة بسيماهم بيض الوجوه ، وأهل النار بسيماهم سود الوجوه . قال : وقوله (
يعرفون كلا بسيماهم ) ، قال : أصحاب الجنة وأصحاب النار "
ونادوا أصحاب الجنة " ، قال : حين رأوا وجوههم قد ابيضت .
14726 - حدثنا
ابن وكيع قال ، حدثنا
المحاربي ، عن
جويبر ، عن
الضحاك : (
يعرفون كلا بسيماهم ) ، قال : بسواد الوجوه .
14727 - حدثنا
ابن وكيع قال ، حدثنا
يحيى بن يمان ، عن
مبارك ، عن
[ ص: 464 ] الحسن : ( بسيماهم ) ، قال : بسواد الوجوه وزرقة العيون .
و " السيماء " ، العلامة الدالة على الشيء ، في كلام العرب . وأصله من " السمة " ، نقلت واوها التي هي فاء الفعل ، إلى موضع العين ، كما يقال : " اضمحل " و " امضحل " . وذكر سماعا عن بعض
بني عقيل : " هي أرض خامة " ، يعني " وخمة " . ومنه قولهم : " له جاه عند الناس " ، بمعنى " وجه " ، نقلت واوه إلى موضع عين الفعل . وفيها لغات ثلاث : " سيما " مقصورة ، و " سيماء " ، ممدودة ، و " سيمياء " ، بزيادة ياء أخرى بعد الميم فيها ، ومدها ، على مثال " الكبرياء " ، كما قال الشاعر :
غلام رماه الله بالحسن إذ رمى له سيمياء لا تشق على البصر
وأما قوله : (
ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون ) ، أي : حلت عليكم أمنة الله من عقابه وأليم عذابه .
واختلف أهل التأويل في المعني بقوله : (
لم يدخلوها وهم يطمعون ) .
فقال بعضهم : هذا خبر من الله عن أهل الأعراف : أنهم قالوا لأهل الجنة ما قالوا قبل دخول أصحاب الأعراف ، غير أنهم قالوه وهم يطمعون في دخولها .
ذكر من قال ذلك :
14728 - حدثني
محمد بن الحسين قال ، حدثنا
أحمد بن مفضل قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال : أهل الأعراف يعرفون الناس ، فإذا مروا عليهم
[ ص: 465 ] بزمرة يذهب بها إلى الجنة قالوا : "
سلام عليكم " . يقول الله لأهل الأعراف : لم يدخلوها ، وهم يطمعون أن يدخلوها .
14729 - حدثني
محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر قال ، تلا
الحسن : (
لم يدخلوها وهم يطمعون ) ، قال : والله ما جعل ذلك الطمع في قلوبهم ، إلا لكرامة يريدها بهم .
14730 - حدثنا
بشر قال ، حدثنا
يزيد قال ، حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
لم يدخلوها وهم يطمعون ) ، قال : أنبأكم الله بمكانهم من الطمع .
14731 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
سويد قال ، أخبرنا
ابن المبارك ، عن
أبي بكر الهذلي قال : قال
سعيد بن جبير ، وهو يحدث ذلك عن
ابن مسعود قال : أما أصحاب الأعراف ، فإن النور كان في أيديهم ، فانتزع من أيديهم ، يقول الله : (
لم يدخلوها وهم يطمعون ) ، قال : في دخولها . قال
ابن عباس : فأدخل الله أصحاب الأعراف الجنة .
14732 - حدثني
الحارث قال ، حدثنا
عبد العزيز قال ، حدثنا
إسرائيل ، عن
جابر ، عن
عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء : (
لم يدخلوها وهم يطمعون ) ، قالا في دخولها .
وقال آخرون : إنما عنى بذلك أهل الجنة ، وأن أصحاب الأعراف يقولون لهم قبل أن يدخلوا الجنة : "
سلام عليكم " ، وأهل الجنة يطمعون أن يدخلوها ، ولم يدخلوها بعد .
ذكر من قال ذلك :
14733 - حدثنا
ابن حميد قال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع قال ، حدثنا
جرير ، عن
سليمان التيمي ، عن
أبي مجلز : (
ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون ) ، قال : الملائكة يعرفون الفريقين جميعا بسيماهم . وهذا قبل أن
[ ص: 466 ] يدخل أهل الجنة الجنة ، أصحاب الأعراف ينادون أصحاب الجنة : أن سلام عليكم ، لم يدخلوها وهم يطمعون في دخولها .