[ ص: 469 ] القول في تأويل قوله ( أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ( 49 ) )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في المعنيين بهذا الكلام .
فقال بعضهم : هذا قيل الله لأهل النار ، توبيخا على ما كان من قيلهم في الدنيا ، لأهل الأعراف ، عند إدخاله أصحاب الأعراف الجنة .
ذكر من قال ذلك :
14743 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
عبد الله بن صالح قال ، حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قال : "
أصحاب الأعراف " ، رجال كانت لهم ذنوب عظام ، وكان حسم أمرهم لله ، يقومون على الأعراف ، فإذا نظروا إلى أهل الجنة طمعوا أن يدخلوها . وإذا نظروا إلى أهل النار تعوذوا بالله منها ، فأدخلوا الجنة . فذلك قوله تعالى : "
أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة " ، يعني أصحاب الأعراف "
ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون " .
14744 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
سويد قال ، أخبرنا
ابن المبارك ، عن
جويبر ، عن
الضحاك قال : قال
ابن عباس : إن الله أدخل أصحاب الأعراف الجنة لقوله : "
ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون " .
14745 - حدثني
محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : قال الله لأهل التكبر والأموال : "
أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة " ، يعني أصحاب الأعراف "
ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون " .
14746 - حدثني
محمد بن الحسين قال ، حدثنا
أحمد بن المفضل قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : " أهؤلاء " ، الضعفاء "
الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون " ،
[ ص: 470 ] ادخلوا قال : فقال
حذيفة : "
أصحاب الأعراف " قوم تكافأت أعمالهم ، فقصرت بهم حسناتهم عن الجنة ، وقصرت بهم سيئاتهم عن النار ، فجعلوا على الأعراف ، يعرفون الناس بسيماهم . فلما قضي بين العباد ، أذن لهم في طلب الشفاعة ، فأتوا
آدم عليه السلام ، فقالوا : يا
آدم ، أنت أبونا فاشفع لنا عند ربك ! فقال : هل تعلمون أحدا خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وسبقت رحمته إليه غضبه ، وسجدت له الملائكة ، غيري؟ فيقولون : لا! قال : فيقول : ما عملت فيه كنه ما أستطيع أن أشفع لكم ، ولكن ائتوا ابني
إبراهيم ! قال : فيأتون
إبراهيم عليه السلام فيسألونه أن يشفع لهم عند ربه ، فيقول : هل تعلمون من أحد اتخذه الله خليلا؟ هل تعلمون أحدا أحرقه قومه في النار في الله ، غيري؟ فيقولون : لا! فيقول : ما عملت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم ، ولكن ائتوا ابني
موسى ! فيأتون
موسى عليه السلام ، فيقول : هل تعلمون من أحد كلمه الله تكليما ، وقربه نجيا ، غيري؟ فيقولون : لا! فيقول : ما عملت فيه كنه ما أستطيع أن أشفع لكم ، ولكن ائتوا
عيسى ! فيأتونه فيقولون : اشفع لنا عند ربك ! فيقول : هل تعلمون أحدا خلقه الله من غير أب ، غيري؟ فيقولون : لا! فيقول : هل تعلمون من أحد كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله غيري؟ قال : فيقولون : لا! قال : فيقول : أنا حجيج نفسي ، ما عملت فيه كنه ما أستطيع أن أشفع لكم ، ولكن ائتوا
محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم !
[ ص: 471 ] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فيأتوني ، فأضرب بيدي على صدري ، ثم أقول : أنا لها! ثم أمشي حتى أقف بين يدي العرش ، فأثني على ربي ، فيفتح لي من الثناء ما لم يسمع السامعون بمثله قط ، ثم أسجد فيقال لي : يا
محمد ، ارفع رأسك ، سل تعطه ، واشفع تشفع ! فأرفع رأسي فأقول : رب ، أمتي ! فيقال : هم لك ، فلا يبقى نبي مرسل ولا ملك مقرب إلا غبطني يومئذ بذلك المقام ، وهو المقام المحمود . قال : فآتي بهم باب الجنة ، فأستفتح فيفتح لي ولهم ، فيذهب بهم إلى نهر يقال له " نهر الحيوان " ، حافتاه قصب من ذهب مكلل باللؤلؤ ، ترابه المسك ، وحصباؤه الياقوت ، فيغتسلون منه ، فتعود إليهم ألوان أهل الجنة وريح أهل الجنة ، ويصيرون كأنهم الكواكب الدرية ، ويبقى في صدورهم شامات بيض يعرفون بها ، يقال لهم : " مساكين أهل الجنة " .
14747 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال ، سمعت
أبا معاذ قال ، حدثنا
عبيد بن سليمان قال ، سمعت
الضحاك قال : إن الله أدخلهم بعد أصحاب الجنة ، وهو قوله : "
ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون " ، يعني أصحاب الأعراف . وهذا قول
ابن عباس .
قال
أبو جعفر : فتأويل الكلام على هذا التأويل الذي ذكرنا عن
ابن عباس ، ومن ذكرنا : قوله فيه : قال الله لأهل التكبر عن الإقرار بوحدانية الله ، والإذعان لطاعته وطاعة رسله ، الجامعين في الدنيا الأموال مكاثرة ورياء : أيها الجبابرة
[ ص: 472 ] كانوا في الدنيا ، أهؤلاء الضعفاء الذين كنتم في الدنيا أقسمتم لا ينالهم الله برحمة؟ قال : قد غفرت لهم ورحمتهم بفضلي ورحمتي ، ادخلوا يا أصحاب الأعراف الجنة لا خوف عليكم بعدها من عقوبة تعاقبون بها على ما سلف منكم في الدنيا من الآثام والإجرام ، ولا أنتم تحزنون على شيء فاتكم في دنياكم .
وقال
أبو مجلز : بل هذا القول خبر من الله عن قيل الملائكة لأهل النار ، بعدما دخلوا النار ، تعييرا منهم لهم على ما كانوا يقولون في الدنيا للمؤمنين الذين أدخلهم الله يوم القيامة جنته . وأما قوله : "
ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون " ، فخبر من الله عن أمره أهل الجنة بدخولها .
14748 - حدثني
يعقوب قال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
سليمان التيمي ، عن
أبي مجلز قال : نادت الملائكة رجالا في النار يعرفونهم بسيماهم : "
ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة " ، قال : فهذا حين يدخل أهل الجنة الجنة "
ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون " .