القول في
تأويل قوله ( قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين ( 71 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : قال
هود لقومه : قد حل بكم عذاب وغضب من الله .
وكان
أبو عمرو بن العلاء - فيما ذكر لنا عنه - يزعم أن " الرجز " و " الرجس " بمعنى واحد ، وأنها مقلوبة ، قلبت السين زايا ، كما قلبت " ست " وهي من " سداس " بسين ، وكما قالوا " قربوس " و " قربوت " وكما قال الراجز :
[ ص: 522 ] ألا لحى الله بني السعلات عمرو بن يربوع لئام النات
ليسوا بأعفاف ولا أكيات
يريد " الناس " ، و " أكياس " ، فقلبت السين تاء ، كما قال
رؤبة :
كم قد رأينا من عديد مبزي حتى وقمنا كيده بالرجز
روي عن
ابن عباس أنه كان يقول : " الرجس " ، السخط .
14808 - حدثني بذلك
المثنى قال ، حدثنا
عبد الله بن صالح قال ، حدثنا
معاوية ، عن
علي بن أبى طلحة ، عن
ابن عباس ، قوله : (
قد وقع عليكم من ربكم رجس ) يقول : سخط .
[ ص: 523 ]
وأما قوله : (
أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ) فإنه يقول : أتخاصمونني في أسماء سميتموها أصناما لا تضر ولا تنفع (
أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان ) يقول : ما جعل الله لكم في عبادتكم إياها من حجة تحتجون بها ، ولا معذرة تعتذرون بها ، لأن العبادة إنما هي لمن ضر ونفع ، وأثاب على الطاعة وعاقب على المعصية ، ورزق ومنع . فأما الجماد من الحجارة والحديد والنحاس ، فإنه لا نفع فيه ولا ضر ، إلا أن تتخذ منه آلة ، ولا حجة لعابد عبده من دون الله في عبادته إياه ، لأن الله لم يأذن بذلك ، فيعتذر من عبده بأنه يعبده اتباعا منه أمر الله في عبادته إياه . ولا هو إذ كان الله لم يأذن في عبادته مما يرجى نفعه ، أو يخاف ضره ، في عاجل أو آجل ، فيعبد رجاء نفعه ، أو دفع ضره - (
فانتظروا إني معكم من المنتظرين ) يقول : فانتظروا حكم الله فينا وفيكم (
إني معكم من المنتظرين ) حكمه وفصل قضائه فينا وفيكم .