القول في تأويل
قوله تعالى ( قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير )
يعني بقوله : (
قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ) ، قال : لهم
موسى : أتأخذون الذي هو أخس خطرا وقيمة وقدرا من العيش ، بدلا بالذي هو خير منه خطرا وقيمة وقدرا ؟ وذلك كان استبدالهم .
وأصل " الاستبدال " : هو ترك شيء لآخر غيره مكان المتروك .
ومعنى قوله : ( أدنى ) أخس وأوضع وأصغر قدرا وخطرا . وأصله من قولهم : " هذا رجل دني بين الدناءة " و" إنه ليدني في الأمور " بغير همز ، إذا كان يتتبع خسيسها . وقد ذكر الهمز عن بعض العرب في ذلك ، سماعا منهم . يقولون : " ما كنت دانئا ، ولقد دنأت ، وأنشدني بعض أصحابنا عن غيره ، أنه سمع بعض بني كلاب ينشد بيت
الأعشى [ ص: 131 ] باسلة الوقع سرابيلها بيض إلى دانئها الظاهر
بهمز الدانئ ، وأنه سمعهم يقولون : " إنه لدانئ خبيث " بالهمز . فإن كان ذلك عنهم صحيحا ، فالهمز فيه لغة ، وتركه أخرى .
ولا شك أن من استبدل بالمن والسلوى البقل والقثاء والعدس والبصل والثوم ، فقد استبدل الوضيع من العيش بالرفيع منه .
وقد تأول بعضهم قوله : ( الذي هو أدنى ) بمعنى : الذي هو أقرب ، ووجه قوله : ( أدنى ) ، إلى أنه أفعل من " الدنو " الذي هو بمعنى القرب .
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : (
الذي هو أدنى ) قاله عدد من أهل التأويل في تأويله .
ذكر من قال ذلك :
1079 - حدثنا
بشر بن معاذ قال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع ، عن
سعيد ، عن
قتادة قال : (
أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ) ، يقول : أتستبدلون الذي هو شر بالذي هو خير منه .
1080 - حدثنا
القاسم قال ، حدثنا
الحسين قال ، حدثني
حجاج [ ص: 132 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد قوله : (
الذي هو أدنى ) قال : أردأ .