القول في
تأويل قوله ( ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين ( 86 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله : (
ولا تقعدوا بكل صراط توعدون ) ، ولا تجلسوا بكل طريق وهو " الصراط " توعدون المؤمنين بالقتل .
وكانوا ، فيما ذكر ، يقعدون على طريق من قصد
شعيبا وأراده ليؤمن به ، فيتوعدونه ويخوفونه ، ويقولون : إنه كذاب!
ذكر من قال ذلك :
14843 - حدثنا
بشر بن معاذ قال ، حدثنا
يزيد قال ، حدثنا
سعيد ، [ ص: 557 ] عن
قتادة : (
بكل صراط توعدون ) ، قال : كانوا يوعدون من أتى
شعيبا وغشيه فأراد الإسلام .
14844 - حدثني
محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
ولا تقعدوا بكل صراط توعدون ) ، و " الصراط " ، الطريق ، يخوفون الناس أن يأتوا
شعيبا .
14845 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
عبد الله بن صالح قال ، حدثني
معاوية ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس ، قوله : (
ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله ) ، قال : كانوا يجلسون في الطريق ، فيخبرون من أتى عليهم : أن
شعيبا عليه السلام كذاب ، فلا يفتنكم عن دينكم .
حدثني
محمد بن عمرو قال ، حدثنا
أبو عاصم قال ، حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله تعالى : (
بكل صراط ) ، قال : طريق ( توعدون ) ، بكل سبيل حق .
14846 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، نحوه .
14847 - حدثني
محمد بن الحسين قال ، حدثنا
أحمد بن مفضل قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
ولا تقعدوا بكل صراط توعدون ) ، كانوا يقعدون على كل طريق يوعدون المؤمنين .
14848 - حدثنا
ابن وكيع قال ، حدثنا
حميد بن عبد الرحمن ، عن
قيس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
ولا تقعدوا بكل صراط توعدون ) ، قال : العشارون .
حدثنا
علي بن سهل قال ، حدثنا
حجاج قال ، حدثنا
أبو جعفر الرازي ، عن
الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أو غيره - شك
[ ص: 558 ] أبو جعفر الرازي - قال :
أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به على خشبة على الطريق ، لا يمر بها ثوب إلا شقته ، ولا شيء إلا خرقته ، قال : ما هذا يا جبريل ؟ ، قال : هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه! ثم تلا ( ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون ) .
وهذا الخبر الذي ذكرناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، يدل على أن معناه كان عند
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : أن نبي الله
شعيبا إنما نهى قومه بقوله : (
ولا تقعدوا بكل صراط توعدون ) ، عن قطع الطريق ، وأنهم كانوا قطاع الطريق .
وقيل : (
ولا تقعدوا بكل صراط توعدون ) ، ولو قيل في غير القرآن : " لا تقعدوا في كل صراط " ، كان جائزا فصيحا في الكلام ، وإنما جاز ذلك لأن الطريق ليس بالمكان المعلوم ، فجاز ذلك كما جاز أن يقال : " قعد له بمكان كذا ، وعلى مكان كذا ، وفي مكان كذا " .
وقال : ( توعدون ) ، ولم يقل : " تعدون " ، لأن العرب كذلك تفعل فيما أبهمت ولم تفصح به من الوعيد . تقول : " أوعدته " بالألف ، " وتقدم مني إليه
[ ص: 559 ] وعيد " ، فإذا بينت عما أوعدت وأفصحت به ، قالت : " وعدته خيرا " ، و " وعدته شرا " ، بغير ألف ، كما قال جل ثناؤه : (
النار وعدها الله الذين كفروا ) ، [ سورة الحج : 72 ] .
وأما قوله : (
وتصدون عن سبيل الله من آمن به ) ، فإنه يقول : وتردون عن طريق الله ، وهو الرد عن الإيمان بالله والعمل بطاعته (
من آمن به ) ، يقول : تردون عن طريق الله من صدق بالله ووحده (
وتبغونها عوجا ) ، يقول : وتلتمسون لمن سلك سبيل الله وآمن به وعمل بطاعته ( عوجا ) ، عن القصد والحق ، إلى الزيغ والضلال ، كما : -
14849 - حدثني
محمد بن عمرو قال ، حدثنا
أبو عاصم قال ، حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
وتصدون عن سبيل الله ) ، قال : أهلها (
وتبغونها عوجا ) ، تلتمسون لها الزيغ .
14850 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، بنحوه .
14851 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة : (
وتبغونها عوجا ) ، قال : تبغون السبيل عن الحق عوجا .
14852 - حدثني
محمد بن الحسين قال ، حدثنا
أحمد بن المفضل قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
وتصدون عن سبيل الله ) ، عن الإسلام تبغون السبيل ( عوجا ) ، هلاكا .
[ ص: 560 ]
وقوله : (
واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم ) ، يذكرهم
شعيب نعمة الله عندهم بأن كثر جماعتهم بعد أن كانوا قليلا عددهم ، وأن رفعهم من الذلة والخساسة ، يقول لهم : فاشكروا الله الذي أنعم عليكم بذلك ، وأخلصوا له العبادة ، واتقوا عقوبته بالطاعة ، واحذروا نقمته بترك المعصية ، (
وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين ) ، يقول : وانظروا ما نزل بمن كان قبلكم من الأمم حين عتوا على ربهم وعصوا رسله ، من المثلات والنقمات ، وكيف وجدوا عقبى عصيانهم إياه؟ ألم يهلك بعضهم غرقا بالطوفان ، وبعضهم رجما بالحجارة ، وبعضهم بالصيحة؟
و " الإفساد " ، في هذا الموضع ، معناه : معصية الله .