[ ص: 12 ] القول في
تأويل قوله ( ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملإه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ( 103 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ثم بعثنا من بعد
نوح وهود وصالح ولوط وشعيب موسى بن عمران .
و"الهاء والميم" اللتان في قوله : "من بعدهم" ، هي كناية ذكر الأنبياء عليهم السلام التي ذكرت من أول هذه السورة إلى هذا الموضع .
"بآياتنا" يقول : بحججنا وأدلتنا "إلى
فرعون وملئه" ، يعني : إلى جماعة
فرعون من الرجال "
فظلموا بها " ، يقول : فكفروا بها . و"الهاء والألف" اللتان في قوله : "بها" عائدتان على "الآيات" . ومعنى ذلك : فظلموا بآياتنا التي بعثنا بها
موسى إليهم وإنما جاز أن يقال : "
فظلموا بها ، " بمعنى : كفروا بها ، لأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه . وقد دللت فيما مضى على أن ذلك معناه ، بما أغنى عن إعادته .
والكفر بآيات الله ، وضع لها في غير موضعها ، وصرف لها إلى غير وجهها الذي عنيت به "
فانظر كيف كان عاقبة المفسدين " ، يقول جل ثناؤه لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : فانظر يا
محمد ، بعين قلبك ، كيف كان عاقبة
[ ص: 13 ] هؤلاء الذين أفسدوا في الأرض؟ يعني
فرعون وملأه ، إذ ظلموا بآيات الله التي جاءهم بها
موسى عليه السلام ، وكان عاقبتهم أنهم أغرقوا جميعا في البحر .