القول في
تأويل قوله ( حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل ( 105 )
قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين ( 106 ) )
قال
أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة قوله : "
حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق " .
فقرأه جماعة من قراء
المكيين والمدنيين والبصرة والكوفة : (
حقيق على أن لا أقول ) ، بإرسال "الياء" من "على" ، وترك تشديدها ، بمعنى : أنا حقيق بأن لا أقول على الله إلا الحق فوجهوا معنى "على" إلى معنى "الباء" كما يقال : "رميت بالقوس" و"على القوس" ، و"جئت على حال حسنة" و"بحال حسنة" .
[ ص: 14 ] وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول : إذا قرئ ذلك كذلك ، فمعناه : حريص على أن لا أقول ، أو فحق أن لا أقول .
وقرأ ذلك جماعة من
أهل المدينة : " حقيق علي ألا أقول" ، بمعنى : واجب علي أن لا أقول ، وحق علي أن لا أقول .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى ، قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القرأة ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب في قراءته الصواب .
وقوله : "
قد جئتكم ببينة من ربكم " ، يقول : قال
موسى لفرعون وملإه : قد جئتكم ببرهان من ربكم ، يشهد ، أيها القوم ، على صحة ما أقول ، وصدق ما أذكر لكم من إرسال الله إياي إليكم رسولا فأرسل يا
فرعون معي
بني إسرائيل . فقال له
فرعون : "
إن كنت جئت بآية " ، يقول : بحجة وعلامة شاهدة على صدق ما تقول "
فأت بها إن كنت من الصادقين " .