القول في
تأويل قوله ( قال نعم وإنكم لمن المقربين ( 114 )
قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين ( 115 ) )
قال
أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : قال
فرعون للسحرة ، إذ قالوا له : إن لنا عندك ثوابا إن نحن غلبنا
موسى؟ قال : نعم ، لكم ذلك ، وإنكم لممن أقربه وأدنيه مني "قالوا يا
موسى " يقول : قالت السحرة
لموسى : يا
موسى ، اختر أن تلقي عصاك ، أو نلقي نحن عصينا . ولذلك أدخلت "أن" مع "إما" في الكلام ، لأنها في موضع أمر بالاختيار . ف"أن" إذا في موضع نصب لما وصفت من المعنى ، لأن معنى الكلام : اختر أن تلقي أنت ، أو نلقي نحن ، والكلام مع "إما" إذا كان على وجه الأمر ، فلا بد
[ ص: 27 ] من أن يكون فيه "أن" ، كقولك للرجل : إما أن تمضي ، وإما أن تقعد" ، بمعنى الأمر : امض أو اقعد ، فإذا كان على وجه الخبر ، لم يكن فيه "أن" كقوله : (
وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ) [ التوبة : 106 ] . وهذا هو الذي يسمى "التخيير" وكذلك كل ما كان على وجه الخبر ، و"إما" في جميع ذلك مكسورة .