صفحة جزء
[ ص: 80 ] القول في تأويل قوله ( وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون ( 138 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وقطعنا ببني إسرائيل البحر بعد الآيات التي أريناهموها ، والعبر التي عاينوها على يدي نبي الله موسى ، فلم تزجرهم تلك الآيات ، ولم تعظهم تلك العبر والبينات! حتى قالوا مع معاينتهم من الحجج ما يحق أن يذكر معها البهائم ، إذ مروا على قوم يعكفون على أصنام لهم ، يقول : يقومون على مثل لهم يعبدونها من دون الله "اجعل لنا" يا موسى "إلها" ، يقول : مثالا نعبده وصنما نتخذه إلها ، كما لهؤلاء القوم أصنام يعبدونها . ولا تنبغي العبادة لشيء سوى الله الواحد القهار . وقال موسى صلوات الله عليه : إنكم أيها القوم قوم تجهلون عظمة الله وواجب حقه عليكم ، ولا تعلمون أنه لا تجوز العبادة لشيء سوى الله الذي له ملك السماوات والأرض .

وذكر عن ابن جريج في ذلك ما : -

15053 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج : ( وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ) ، قال ابن جريج : "على أصنام لهم" ، قال : تماثيل بقر . فلما كان عجل السامري شبه لهم أنه من تلك البقر ، فذلك كان أول شأن العجل : ( قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون ) ، [ ص: 81 ]

وقيل : إن القوم الذين كانوا عكوفا على أصنام لهم ، الذين ذكرهم الله في هذه الآية ، قوم كانوا من لخم .

ذكر من قال ذلك :

15054 - حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا بشر بن عمرو قال ، حدثنا العباس بن المفضل ، عن أبي العوام ، عن قتادة : ( فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ) ، قال : على لخم .

وقيل : إنهم كانوا من الكنعانيين الذين أمر موسى عليه السلام بقتالهم . وقد : -

15055 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الزهري : أن أبا واقد الليثي قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين ، فمررنا بسدرة ، قلت : يا نبي الله ، اجعل لنا هذه ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط! وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة يعكفون حولها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الله أكبر! هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى : "اجعل لنا إلها كما لهم آلهة" ، إنكم ستركبون سنن الذين من قبلكم .

15056 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا [ ص: 82 ] معمر ، عن الزهري ، عن سنان بن أبي سنان ، عن أبي واقد الليثي قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين ، فمررنا بسدرة ، فقلنا : يا نبي الله ، اجعل لنا هذه ذات أنواط ، فذكر نحوه .

1557 - حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج قال ، حدثنا حماد ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن سنان بن أبي سنان ، عن أبي واقد الليثي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نحوه .

15058 - حدثني المثنى قال ، حدثنا ابن صالح قال ، حدثني الليث قال ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب قال ، أخبرني سنان بن أبي سنان الديلي ، عن أبي واقد الليثي : أنهم خرجوا من مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ، قال : وكان للكفار سدرة يعكفون عندها ، ويعلقون بها أسلحتهم ، يقال لها "ذات أنواط ، قال : فمررنا بسدرة خضراء عظيمة ، قال : فقلنا : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط . قال : "قلتم والذي نفسي بيده ، ما قال قوم موسى : " اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون " ، إنها السنن ، لتركبن سنن من كان قبلكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية