القول في
تأويل قوله ( وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ( 142 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : لما مضى لموعد ربه قال لأخيه
هارون : (
اخلفني في قومي ) ، يقول : كن خليفتي فيهم إلى أن أرجع .
[ ص: 88 ]
يقال منه : "خلفه يخلفه خلافة" .
( وأصلح ) ، يقول : وأصلحهم بحملك إياهم على طاعة الله وعبادته ، كما : -
15070 - حدثنا
القاسم قال ، حدثنا
الحسين قال ، حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : "
وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح " ، وكان من إصلاحه أن لا يدع العجل يعبد .
وقوله : (
ولا تتبع سبيل المفسدين ) ، يقول : ولا تسلك طريق الذين يفسدون في الأرض ، بمعصيتهم ربهم ، ومعونتهم أهل المعاصي على عصيانهم ربهم ، ولكن اسلك سبيل المطيعين ربهم .
وكانت مواعدة الله
موسى عليه السلام بعد أن أهلك
فرعون ، ونجى منه
بني إسرائيل ، فيما قال أهل العلم ، كما : -
15071 - حدثنا
القاسم قال ، حدثنا
الحسين قال ، حدثني
الحجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قوله : (
وواعدنا موسى ثلاثين ليلة ) ، الآية ، قال : يقول : إن ذلك بعد ما فرغ من
فرعون وقبل الطور ، لما نجى الله
موسى عليه السلام من البحر وغرق
آل فرعون ، وخلص إلى الأرض الطيبة ، أنزل الله عليهم فيها المن والسلوى ، وأمره ربه أن يلقاه ، فلما أراد لقاء ربه ، استخلف
هارون على قومه ، وواعدهم أن يأتيهم إلى ثلاثين ليلة ، ميعادا من قبله ، من غير أمر ربه ولا ميعاده . فتوجه ليلقى ربه ، فلما تمت ثلاثون ليلة ، قال عدو الله
السامري : ليس يأتيكم
موسى ، وما يصلحكم إلا إله تعبدونه ! فناشدهم
هارون وقال : لا تفعلوا ، انظروا ليلتكم هذه ويومكم هذا ، فإن جاء وإلا فعلتم ما بدا لكم ! فقالوا : نعم! فلما أصبحوا
[ ص: 89 ] من غد ولم يروا
موسى ، عاد
السامري لمثل قوله بالأمس . قال : وأحدث الله الأجل بعد الأجل الذي جعله بينهم عشرا ، فتم ميقات ربه أربعين ليلة ، فعاد
هارون فناشدهم إلا ما نظروا يومهم ذلك أيضا ، فإن جاء وإلا فعلتم ما بدا لكم! ثم عاد
السامري الثالثة لمثل قوله لهم ، وعاد
هارون فناشدهم أن ينتظروا ، فلما لم يروا . . .
15072 - قال
القاسم ، قال
الحسين ، حدثني
حجاج قال ، حدثني
أبو بكر بن عبد الله الهذلي قال : قام
السامري إلى
هارون حين انطلق
موسى فقال : يا نبي الله ، إنا استعرنا يوم خرجنا من القبط حليا كثيرا من زينتهم ، وإن الجند الذين معك قد أسرعوا في الحلي يبيعونه وينفقونه ، وإنما كان عارية من
آل فرعون ، فليسوا بأحياء فنردها عليهم ، ولا ندري لعل أخاك نبي الله
موسى إذا جاء يكون له فيها رأي ، إما يقربها قربانا فتأكلها النار ، وإما يجعلها للفقراء دون الأغنياء! فقال له
هارون : نعم ما رأيت وما قلت ! فأمر مناديا فنادى : من كان عنده شيء من حلي
آل فرعون فليأتنا به ! فأتوه به ، فقال
هارون : يا سامري أنت أحق من كانت عنده هذه الخزانة! فقبضها
السامري ، وكان عدو الله الخبيث صائغا ، فصاغ منه عجلا جسدا ، ثم قذف في جوفه تربة من القبضة التي قبض من أثر فرس جبريل عليه السلام إذ رآه في البحر ، فجعل
[ ص: 90 ] يخور ، ولم يخر إلا مرة واحدة ، وقال
لبني إسرائيل : إنما تخلف
موسى بعد الثلاثين الليلة يلتمس هذا ! (
هذا إلهكم وإله موسى فنسي ) ، [ طه : 88 ] . يقول : إن
موسى عليه السلام نسي ربه .