القول في
تأويل قوله ( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في معنى ذلك .
فقال بعضهم : معناه : سأنزع عنهم فهم الكتاب .
ذكر من قال ذلك :
15122 - حدثنا
أحمد بن منصور المروزي قال ، حدثني
محمد بن عبد الله بن بكر قال : سمعت
ابن عيينة يقول في قول الله : "
سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق " ، قال يقول : أنزع عنهم فهم القرآن ، وأصرفهم عن آياتي .
[ ص: 113 ]
قال
أبو جعفر : وتأويل
ابن عيينة هذا يدل على أن هذا الكلام كان عنده من الله وعيدا لأهل الكفر بالله ممن بعث إليه نبينا صلى الله عليه وسلم ، دون قوم
موسى ، لأن القرآن إنما أنزل على نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم دون ،
موسى عليه السلام .
وقال آخرون في ذلك : معناه : سأصرفهم عن الاعتبار بالحجج .
ذكر من قال ذلك :
15123 - حدثنا
القاسم قال ، حدثنا
الحسين قال ، حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : "
سأصرف عن آياتي " ، عن خلق السماوات والأرض والآيات فيها ، سأصرفهم عن أن يتفكروا فيها ويعتبروا .
قال
أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله أخبر أنه سيصرف عن آياته ، وهي أدلته وأعلامه على حقيقة ما أمر به عباده وفرض عليهم من طاعته في توحيده وعدله ، وغير ذلك من فرائضه . والسماوات والأرض ، وكل موجود من خلقه ، فمن آياته ، والقرآن أيضا من آياته ، وقد عم بالخبر أنه يصرف عن آياته المتكبرين في الأرض بغير الحق ، وهم الذين حقت عليهم كلمة الله أنهم لا يؤمنون ، فهم عن فهم جميع آياته والاعتبار والادكار بها مصروفون ، لأنهم لو وفقوا لفهم بعض ذلك فهدوا للاعتبار به ، اتعظوا وأنابوا إلى الحق ، وذلك غير كائن منهم ، لأنه جل ثناؤه قال : (
وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ) ، فلا تبديل لكلمات الله .