القول في
تأويل قوله ( وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين ( 150 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وألقى
موسى الألواح .
ثم اختلف أهل العلم في سبب إلقائه إياها .
فقال بعضهم : ألقاها غضبا على قومه الذين عبدوا العجل .
ذكر من قال ذلك :
15128 - حدثنا
تميم بن المنتصر قال ، أخبرنا
يزيد قال ، أخبرنا
الأصبغ بن زيد ، عن
القاسم بن أبي أيوب قال ، حدثني
سعيد بن جبير قال ، قال
ابن عباس : لما رجع
موسى إلى قومه غضبان أسفا ، فأخذ برأس أخيه يجره إليه ، وألقى الألواح من الغضب .
15129 - وحدثني
عبد الكريم قال ، حدثنا
إبراهيم بن بشار قال ، حدثنا
ابن عيينة قال ، قال
أبو سعد ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال : لما رجع
[ ص: 123 ] موسى إلى قومه ، وكان قريبا منهم ، سمع أصواتهم ، فقال : إني لأسمع أصوات قوم لاهين : فلما عاينهم وقد عكفوا على العجل ، ألقى الألواح فكسرها ، وأخذ برأس أخيه يجره إليه .
15130 - حدثنا
موسى قال ، حدثنا
عمرو قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال : أخذ
موسى الألواح ، ثم رجع
موسى إلى قومه غضبان أسفا ، فقال : (
يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا ) ، إلى قوله : فكذلك ألقى
السامري [ سورة طه : 86 - 87 ] ، فألقى
موسى الألواح ، وأخذ برأس أخيه يجره إليه (
قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ) [ سورة طه : 94 ] .
15131 - حدثنا
ابن حميد قال ، حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق قال : لما انتهى
موسى إلى قومه فرأى ما هم عليه من عبادة العجل ، ألقى الألواح من يده ، ثم أخذ برأس أخيه ولحيته ، ويقول : (
ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعني أفعصيت أمري ) [ سورة طه : 92 ، 93 ] .
وقال آخرون : إنما ألقى
موسى الألواح لفضائل أصابها فيها لغير قومه ، فاشتد ذلك عليه .
ذكر من قال ذلك :
15132 - حدثنا
بشر بن معاذ قال ، حدثنا
يزيد قال ، حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : "
أخذ الألواح " ، قال : رب ، إني أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، فاجعلهم أمتي! قال : تلك أمة
أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون أي آخرون في الخلق السابقون في دخول الجنة ، رب اجعلهم أمتي! قال : تلك أمة
أحمد !
[ ص: 124 ] قال : رب إني أجد في الألواح أمة ، أناجيلهم في صدورهم يقرأونها ، وكان من قبلهم يقرأون كتابهم نظرا ، حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئا ، ولم يعرفوه . قال
قتادة : وإن الله أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئا لم يعطه أحدا من الأمم قال : رب اجعلهم أمتي! قال : تلك أمة
أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر ، ويقاتلون فضول الضلالة ، حتى يقاتلوا الأعور الكذاب ، فاجعلهم أمتي! قال : تلك أمة
أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم ، ثم يؤجرون عليها وكان من قبلهم من الأمم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه ، بعث الله عليها نارا فأكلتها ، وإن ردت عليه تركت تأكلها الطير والسباع . قال : وإن الله أخذ صدقاتكم من غنيكم لفقيركم قال : رب اجعلهم أمتي! قال : تلك أمة
أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ، رب اجعلهم أمتي! قال : تلك أمة
أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها ، فإذا عملها كتبت عليه سيئة واحدة ، فاجعلهم أمتي! قال : تلك أمة
أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم ، فاجعلهم أمتي! قال : تلك أمة
أحمد ، قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم المشفعون والمشفوع لهم ، فاجعلهم أمتي! قال : تلك أمة
أحمد ! قال : وذكر لنا أن نبي الله
موسى عليه السلام نبذ الألواح وقال : اللهم اجعلني من أمة
أحمد ! قال : فأعطي نبي الله
موسى عليه السلام ثنتين لم يعطهما نبي ، قال الله : (
يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ) ، [ سورة الأعراف : 143 ] . قال : فرضي نبي الله . ثم أعطي الثانية : (
ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) [ سورة الأعراف : 159 ] ، قال : فرضي نبي الله صلى الله عليه وسلم كل الرضى .
[ ص: 125 ]
15133 - حدثني
محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة قال : لما أخذ
موسى الألواح قال : يا رب ، إني أجد في الألواح أمة هم
خير الأمم ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، فاجعلهم أمتي! قال : تلك أمة
أحمد ! قال : يا رب ، إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون يوم القيامة ، فاجعلهم أمتي! قال : تلك أمة
أحمد ، ثم ذكر نحو حديث
بشر بن معاذ إلا أنه قال في حديثه : فألقى
موسى عليه السلام الألواح ، وقال : اللهم اجعلني من أمة
محمد صلى الله عليهما .
قال
أبو جعفر : والذي هو أولى بالصواب من القول في ذلك ، أن يكون سبب إلقاء
موسى الألواح كان من أجل غضبه على قومه لعبادتهم العجل ، لأن الله جل ثناؤه بذلك أخبر في كتابه فقال : "
ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه " .
وذكر أن الله لما كتب
لموسى عليه السلام في الألواح التوراة ، أدناه منه حتى سمع صريف القلم .
ذكر من قال ذلك :
15134 - حدثني
الحارث قال ، حدثنا
عبد العزيز قال ، حدثنا
إسرائيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
أبي عمارة ، عن
علي عليه السلام قال : كتب الله الألواح
لموسى عليه السلام ، وهو يسمع صريف الأقلام في الألواح .
15135 - . . . . قال حدثنا
إسرائيل ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد [ ص: 126 ] بن جبير قال : أدناه حتى سمع صريف الأقلام .
وقيل : إن التوراة كانت سبعة أسباع ، فلما ألقى
موسى الألواح تكسرت ، فرفع منها ستة أسباعها ، وكان فيما رفع "تفصيل كل شيء" ، الذي قال الله : "
وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء " وبقي الهدى والرحمة في السبع الباقي ، وهو الذي قال الله : (
أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون ) ، [ سورة الأعراف : 154 ] .
وكانت التوراة فيما ذكر سبعين وقر بعير ، يقرأ منها الجزء في سنة ، كما : -
15136 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
محمد بن خالد المكفوف قال ، حدثنا
عبد الرحمن ، عن
أبي جعفر ، عن
الربيع بن أنس قال : أنزلت التوراة وهي سبعون وقر بعير ، يقرأ منها الجزء في سنة ، لم يقرأها إلا أربعة نفر :
موسى بن عمران ،
وعيسى ،
وعزير ،
ويوشع بن نون ، صلوات الله عليهم .
واختلفوا في "الألواح" .
فقال بعضهم : كانت من زمرد أخضر .
وقال بعضهم : كانت من ياقوت .
وقال بعضهم : كانت من برد .
ذكر الرواية بما ذكرنا من ذلك .
15137 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12218أحمد بن إبراهيم الدورقي قال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد ،
[ ص: 127 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال ، أخبرني
يعلى بن مسلم ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس قال : ألقى
موسى الألواح فتكسرت ، فرفعت إلا سدسها قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : وأخبرني أن الألواح من زبرجد وزمرد من الجنة .
15138 - وحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12106موسى بن سهل الرملي ، وعلي بن داود ، وعبد الله بن أحمد بن شبويه ، وأحمد بن الحسن الترمذي قالوا ، أخبرنا
آدم العسقلاني قال ، حدثنا
أبو جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية قال : كانت ألواح
موسى عليه السلام من برد .
15139 - حدثنا
ابن حميد قال ، حدثنا
حكام ، عن
أبي الجنيد ، عن
جعفر بن أبي المغيرة قال : سألت
سعيد بن جبير عن الألواح ، من أي شيء كانت؟ قال : كانت من ياقوتة ، كتابة الذهب ، كتبها الرحمن بيده ، فسمع أهل السماوات صريف القلم وهو يكتبها .
15140 - حدثني
الحارث قال ، حدثنا
القاسم قال ، حدثنا
عبد الرحمن ، عن
محمد بن أبي الوضاح ، عن
خصيف ، عن
مجاهد أو
سعيد بن جبير قال : كانت الألواح زمردا ، فلما ألقى
موسى الألواح بقي الهدى والرحمة ، وذهب التفصيل .
15141 - قال ، حدثنا
القاسم قال ، حدثنا
الأشجعي ، عن
محمد بن مسلم ، عن
خصيف ، عن
مجاهد قال : كانت الألواح من زمرد أخضر .
وزعم بعضهم : أن الألواح كانت لوحين . فإن كان الذي قال كما قال ، فإنه قيل : "
وكتبنا له في الألواح " ، وهما لوحان ، كما قيل : (
فإن كان له إخوة ) [ سورة النساء : 11 ] ، وهما أخوان .
[ ص: 128 ] أما قوله : "
وأخذ برأس أخيه يجره إليه " ، فإن ذلك من فعل نبي الله صلى الله عليه وسلم كان لموجدته على أخيه
هارون في تركه اتباعه ، وإقامته مع
بني إسرائيل في الموضع الذي تركهم فيه ، كما قال جل ثناؤه مخبرا عن قيل
موسى عليه السلام له : (
ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعني أفعصيت أمري ) ؟ [ سورة طه : 92 ، 93 ] ، حين أخبره
هارون بعذره فقبل عذره ، وذلك قيله
لموسى : (
لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي ) ، [ سورة طه : 94 ] ، وقال يا ابن أم : "
إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء " ، الآية :
واختلفت القرأة في قراءة قوله : " يا ابن أم " .
فقرأ ذلك عامة قرأة
المدينة وبعض
أهل البصرة : ( يا ابن أم ) بفتح "الميم" من "الأم" .
وقرأ ذلك عامة قرأة
أهل الكوفة : ( يا ابن أم ) بكسر "الميم" من الأم .
واختلف أهل العربية في فتح ذلك وكسره ، مع إجماع جميعهم على أنهما لغتان مستعملتان في العرب .
فقال بعض نحويي
البصرة : قيل ذلك بالفتح ، على أنهما اسمان جعلا اسما واحدا ، كما قيل : "يا ابن عم" ، وقال : هذا شاذ لا يقاس عليه .
وقال : من قرأ ذلك : " يا ابن أم " ، فهو على لغة الذين يقولون : "هذا غلام قد جاء؟" ، جعله اسما واحدا آخره مكسور ، مثل قوله : "خاز باز" .
[ ص: 129 ]
وقال بعض نحويي
الكوفة : قيل : " يا ابن أم " و "يا ابن عم" ، فنصب كما ينصب المعرب في بعض الحالات ، فيقال : "يا حسرتا" ، "يا ويلتا" . قال : فكأنهم قالوا : "يا أماه" ، و"يا عماه" ، ولم يقولوا ذلك في "أخ" ، ولو قيل ذلك لكان صوابا . قال : والذين خفضوا ذلك ، فإنه كثر في كلامهم حتى حذفوا الياء . قال : ولا تكاد العرب تحذف "الياء" إلا من الاسم المنادى يضيفه المنادي إلى نفسه ، إلا قولهم : "يا ابن أم" و"يا ابن عم" ، وذلك أنهما يكثر استعمالهما في كلامهم ، فإذا جاء ما لا يستعمل أثبتوا "الياء" فقالوا : "يا ابن أبي" و"يا ابن أختي ، وأخي" ، و"يا ابن خالتي" ، و"يا ابن خالي" .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إذا فتحت "الميم" من "ابن أم" ، فمراد به الندبة : يا ابن أماه ، وكذلك من "ابن عم" . فإذا كسرت فمراد به الإضافة ، ثم حذفت "الياء" التي هي كناية اسم المخبر عن نفسه . وكأن بعض من أنكر تشبيه كسر ذلك إذا كسر ككسر الزاي من "خاز باز" ، لأن "خاز باز" لا يعرف الثاني إلا بالأول ، ولا الأول إلا بالثاني ، فصار كالأصوات .
وحكي عن
يونس الجرمي تأنيث "أم" وتأنيث "عم" ، وقال : لا يجعل اسما واحدا إلا مع "ابن" المذكر . قالوا : وأما اللغة الجيدة والقياس الصحيح ، فلغة من قال : "يا ابن أمي" بإثبات "الياء" ، كما قال
أبو زبيد :
يا ابن أمي ، ويا شقيق نفسي أنت خلفتني لدهر شديد
[ ص: 130 ]
وكما قال الآخر :
يا ابن أمي! ولو شهدتك إذ تد عو تميما وأنت غير مجاب
[ ص: 131 ] وإنما أثبت هؤلاء الياء في "الأم" ، لأنها غير مناداة ، وإنما المنادى هو "الابن" دونها . وإنما تسقط العرب "الياء" من المنادى إذا أضافته إلى نفسها ، لا إذا أضافته إلى غير نفسها ، كما قد بينا .
وقيل : إن
هارون إنما قال
لموسى عليه السلام : "يا ابن أم" ، ولم يقل : "يا ابن أبي" ، وهما لأب واحد وأم واحدة ، استعطافا له على نفسه برحم الأم .
وقوله : "
إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني " ، يعني بالقوم ، الذين عكفوا على عبادة العجل وقالوا : "هذا إلهنا وإله موسى" ، وخالفوا
هارون . وكان استضعافهم إياه : تركهم طاعته واتباع أمره "
وكادوا يقتلونني " ، يقول : قاربوا ولم يفعلوا .
واختلفت القرأة في قراءة قوله : "فلا تشمت" .
فقرأ قرأة الأمصار ذلك : (
فلا تشمت بي الأعداء ) ، بضم "التاء" من "تشمت" وكسر "الميم" منها ، من قولهم : "أشمت فلان فلانا بفلان" ، إذا سره فيه بما يكرهه المشمت به .
وروي عن
مجاهد أنه قرأ ذلك : ( فلا تشمت بي الأعداء ) .
15142 - حدثني بذلك
عبد الكريم قال ، حدثنا
إبراهيم بن بشار قال ، حدثنا
سفيان قال ، قال
حميد بن قيس : قرأ
مجاهد : ( فلا تشمت بي الأعداء ) .
15143 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
إسحاق قال ، حدثنا
عبد الله بن الزبير ، عن
ابن عيينة ، عن
حميد قال : قرأ
مجاهد : ( فلا تشمت بي الأعداء ) .
15144 - حدثت عن
nindex.php?page=showalam&ids=14888يحيى بن زياد الفراء قال ، حدثنا
سفيان بن عيينة ،
[ ص: 132 ] عن رجل ، عن
مجاهد ، أنه قال : ( لا تشمت ) .
وقال
الفراء : قال
الكسائي : ما أدري ، فلعلهم أرادوا : فلا تشمت بي الأعداء ، فإن تكن صحيحة فلها نظائر . العرب تقول : "فرغت وفرغت" ، فمن قال : "فرغت" ، قال : "أنا أفرغ" ، ومن قال : "فرغت" ، قال : "أنا أفرغ" ، وكذلك : "ركنت" "وركنت" ، و"شملهم أمر" "وشملهم" ، في كثير من الكلام . قال : "والأعداء" رفع ، لأن الفعل لهم ، لمن قال : "تشمت" أو "تشمت" .
قال
أبو جعفر : والقراءة التي لا أستجيز القراءة إلا بها ، قراءة من قرأ : (
فلا تشمت ) : بضم "التاء" الأولى ، وكسر "الميم" من : "أشمت به عدوه أشمته به" ، ونصب "الأعداء" ، لإجماع الحجة من قرأة الأمصار عليها ، وشذوذ ما خالفها من القراءة ، وكفى بذلك شاهدا على ما خالفها . هذا مع إنكار معرفة عامة أهل العلم بكلام العرب : "شمت فلان فلانا بفلان" ، و"شمت فلان بفلان يشمت به" ، وإنما المعروف من كلامهم إذا أخبروا عن شماتة الرجل بعدوه : "شمت به" بكسر "الميم" : "يشمت به" ، بفتحها في الاستقبال .
وأما قوله : "
ولا تجعلني مع القوم الظالمين " ، فإنه قول
هارون لأخيه
موسى . يقول : لا تجعلني في موجدتك علي وعقوبتك لي ولم أخالف أمرك ، محل من عصاك فخالف أمرك ، وعبد العجل بعدك ، فظلم نفسه ، وعبد غير من له العبادة ، ولم أشايعهم على شيء من ذلك ، كما : -
[ ص: 133 ]
15145 - حدثني
محمد بن عمرو قال ، حدثنا
أبو عاصم قال ، حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "ولا تجعلني مع القوم الظالمين" ، ) قال : أصحاب العجل .
15146 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، بمثله .