القول في تأويل قوله (
ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون ( 154 ) )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "
ولما سكت عن موسى الغضب " . ولما كف عنه وسكن .
[ ص: 138 ]
وكذلك كل كاف عن شيء : "ساكت عنه" ، وإنما قيل للساكت عن الكلام "ساكت" ، لكفه عنه .
وقد ذكر عن
يونس الجرمي أنه قال يقال : "سكت عنه الحزن" ، وكل شيء ، فيما زعم ، ومنه قول
أبي النجم :
وهمت الأفعى بأن تسيحا وسكت المكاء أن يصيحا
"أخذ الألواح" ، يقول : أخذها بعد ما ألقاها ، وقد ذهب منها ما ذهب "
وفي نسختها هدى ورحمة " ، يقول : وفيما نسخ فيها ، أي كتب فيها "هدى" بيان للحق "
ورحمة للذين هم لربهم يرهبون " ، يقول : للذين يخافون الله ويخشون عقابه على معاصيه .
واختلف أهل العربية في وجه دخول "اللام" في قوله : "
لربهم يرهبون " ،
[ ص: 139 ] مع استقباح العرب أن يقال في الكلام : "رهبت لك" : بمعنى رهبتك "وأكرمت لك" ، بمعنى أكرمتك . فقال بعضهم : ذلك كما قال جل ثناؤه : (
إن كنتم للرؤيا تعبرون ) ، [ سورة يوسف : 43 ] ، أوصل الفعل باللام .
وقال بعضهم : من أجل ربهم يرهبون .
وقال بعضهم : إنما دخلت عقيب الإضافة : الذين هم راهبون لربهم ، وراهبو ربهم ثم أدخلت "اللام" على هذا المعنى ، لأنها عقيب الإضافة ، لا على التكليف .
وقال بعضهم : إنما فعل ذلك ، لأن الاسم تقدم الفعل ، فحسن إدخال "اللام" .
وقال آخرون : قد جاء مثله في تأخير الاسم في قوله : (
ردف لكم بعض الذي تستعجلون ) [ سورة النمل : 72 ] .
وذكر عن
عيسى بن عمر أنه قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق يقول : "نقدت له مائة درهم" ، يريد : نقدته مائة درهم . قال : والكلام واسع .