صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل )

قال أبو جعفر : وهذا القول إبانة من الله جل ثناؤه عن أن الذين وعد موسى نبيه عليه السلام أن يكتب لهم الرحمة التي وصفها جل ثناؤه بقوله : " ورحمتي وسعت كل شيء " ، هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنه لا يعلم لله رسول وصف بهذه الصفة أعني "الأمي" غير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . وبذلك جاءت الروايات عن أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

15214 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمران بن عيينة ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : "فسأكتبها للذين يتقون" ، قال : أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

15215 - . . . . قال ، حدثنا زيد بن حباب ، عن حماد بن سلمة ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

15216 - حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا : حدثنا يحيى بن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد في قوله : " فسأكتبها للذين يتقون " ، قال : أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال موسى عليه السلام : ليتني خلقت في أمة محمد ! .

15217 - حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا : حدثنا جرير ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير : " فسأكتبها للذين يتقون " ، قال : الذين يتبعون محمدا صلى الله عليه وسلم .

15218 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير ، عن ليث ، عن شهر بن حوشب ، عن نوف الحميري قال : لما اختار موسى قومه سبعين رجلا لميقات ربه ، قال الله لموسى : أجعل لكم الأرض مسجدا وطهورا ، وأجعل السكينة معكم [ ص: 162 ] في بيوتكم ، وأجعلكم تقرأون التوراة عن ظهر قلوبكم ، يقرأها الرجل منكم والمرأة ، والحر والعبد ، والصغير والكبير . فقال موسى لقومه : إن الله قد يجعل لكم الأرض طهورا ومسجدا . قالوا : لا نريد أن نصلي إلا في الكنائس! قال : ويجعل السكينة معكم في بيوتكم . قالوا : لا نريد إلا أن تكون كما كانت ، في التابوت! قال : ويجعلكم تقرأون التوراة عن ظهر قلوبكم ، ويقرأها الرجل منكم والمرأة ، والحر والعبد ، والصغير والكبير . قالوا : لا نريد أن نقرأها إلا نظرا! فقال الله : " فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة " إلى قوله : " أولئك هم المفلحون " .

15219 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن نوف البكالي قال : لما انطلق موسى بوفد بني إسرائيل ، كلمه الله فقال : إني قد بسطت لهم الأرض طهورا ومساجد يصلون فيها حيث أدركتهم الصلاة ، إلا عند مرحاض أو قبر أو حمام ، وجعلت السكينة في قلوبهم ، وجعلتهم يقرأون التوراة عن ظهر ألسنتهم . قال : فذكر ذلك موسى لبني إسرائيل ، فقالوا : لا نستطيع حمل السكينة في قلوبنا ، فاجعلها لنا في تابوت ، ولا نقرأ التوراة إلا نظرا ، ولا نصلي إلا في الكنيسة! فقال الله : " فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة " ، حتى بلغ " أولئك هم المفلحون " . قال : فقال موسى عليه السلام : يا رب ، اجعلني نبيهم! قال : نبيهم منهم! قال : رب اجعلني منهم! قال : لن تدركهم! قال : يا رب ، أتيتك بوفد بني إسرائيل ، فجعلت وفادتنا لغيرنا! فأنزل الله : ( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) [ سورة الأعراف : 159 ] . [ ص: 163 ] قال نوف البكالي : فاحمدوا الله الذي حفظ غيبتكم ، وأخذ لكم بسهمكم ، وجعل وفادة بني إسرائيل لكم .

15220 - حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا معاذ بن هشام قال ، حدثني أبي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن نوف البكالي بنحوه إلا أنه قال : فإني أنزل عليكم التوراة تقرأونها عن ظهر ألسنتكم ، رجالكم ونساؤكم وصبيانكم . قالوا : لا نصلي إلا في كنيسة ، ثم ذكر سائر الحديث نحوه .

15221 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، عن يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير : " فسأكتبها للذين يتقون " ، قال : أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

15222 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " فسأكتبها للذين يتقون " ، قال : هؤلاء أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

15223 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : لما قيل : " فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون " ، تمنتها اليهود والنصارى ، فأنزل الله شرطا بينا وثيقا فقال : " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي " ، وهو نبيكم صلى الله عليه وسلم ، كان أميا لا يكتب .

وقد بينا معنى "الأمي" فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته .

وأما قوله : " الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل " ، فإن "الهاء" [ ص: 164 ] في قوله : "يجدونه" ، عائدة على "الرسول" ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، كالذي : -

15224 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي ، قوله : " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي " ، هذا محمد صلى الله عليه وسلم .

15225 - حدثني ابن المثنى قال ، حدثنا عثمان بن عمر قال ، حدثنا فليح ، عن هلال بن علي ، عن عطاء بن يسار قال : لقيت عبد الله بن عمرو ، فقلت : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة . قال : أجل والله ، إنه لموصوف في التوراة كصفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ، وحرزا للأميين ، أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح ، ولن نقبضه حتى نقيم به الملة العوجاء ، بأن يقولوا : "لا إله إلا الله" ، فنفتح به قلوبا غلفا ، وآذانا صما ، وأعينا عميا . قال عطاء : ثم لقيت كعبا فسألته عن ذلك ، فما اختلفا حرفا ، إلا أن كعبا قال بلغته : قلوبا غلوفيا ، وآذانا صموميا ، وأعينا عموميا .

15226 - حدثني أبو كريب قال ، حدثنا موسى بن داود قال ، حدثنا فليح بن سليمان ، عن هلال بن علي قال ، حدثني عطاء قال : لقيت عبد الله [ ص: 165 ] بن عمرو بن العاص ، فذكر نحوه إلا أنه قال في كلام كعب : أعينا عموما ، وآذانا صموما ، وقلوبا غلوفا .

15227 - . . . قال ، حدثنا موسى قال ، حدثنا عبد العزيز بن سلمة ، عن هلال بن علي ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بنحوه وليس فيه كلام كعب .

15228 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال الله : " الذي يجدونه مكتوبا عندهم " ، يقول : يجدون نعته وأمره ونبوته مكتوبا عندهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية