القول في
تأويل قوله ( ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ( 176 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : هذا المثل الذي ضربته لهذا الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ، مثل القوم الذين كذبوا بحججنا وأعلامنا وأدلتنا ، فسلكوا في ذلك سبيل هذا المنسلخ من آياتنا الذي آتيناها إياه ، في تركه العمل بما آتيناه من ذلك .
وأما قوله : (
فاقصص القصص ) ، فإنه يقول لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : فاقصص ، يا
محمد ، هذا القصص ، الذي اقتصصته عليك من نبأ الذي آتيناه آياتنا ، وأخبار الأمم التي أخبرتك أخبارهم في هذه السورة ، واقتصصت عليك نبأهم ونبأ أشباههم ، وما حل بهم من عقوبتنا ، ونزل بهم حين كذبوا رسلنا من نقمتنا على قومك من
قريش ، ومن قبلك من يهود
بني إسرائيل ، ليتفكروا في ذلك ، فيعتبروا وينيبوا إلى طاعتنا ، لئلا يحل بهم مثل الذي حل بمن قبلهم من النقم والمثلات ، ويتدبره
اليهود من
بني إسرائيل ، فيعلموا حقيقة أمرك وصحة نبوتك ، إذ كان نبأ "
الذي آتيناه آياتنا " من خفي علومهم ، ومكنون أخبارهم ، لا يعلمه إلا أحبارهم ، ومن قرأ الكتب ودرسها منهم . وفي علمك بذلك وأنت أمي لا تكتب ، ولا تقرأ ، ولا تدرس الكتب ، ولم تجالس أهل العلم الحجة البينة لك عليهم بأنك لله رسول ، وأنك لم تعلم ما علمت من ذلك ، وحالك الحال التي أنت بها ، إلا بوحي من السماء .
[ ص: 275 ]
وبنحو ذلك كان أبو النضر يقول .
15442 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
محمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15956سالم أبي النضر : (
فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ) ، يعني :
بني إسرائيل ، إذ قد جئتهم بخبر ما كان فيهم مما يخفون عليك "
لعلهم يتفكرون " ، فيعرفون أنه لم يأت بهذا الخبر عما مضى فيهم إلا نبي يأتيه خبر السماء .