[ ص: 322 ] القول في
تأويل قوله ( ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون ( 195 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لهؤلاء الذين عبدوا الأصنام من دونه ، معرفهم جهل ما هم عليه مقيمون : ألأصنامكم هذه ، أيها القوم (
أرجل يمشون بها ) ، فيسعون معكم ولكم في حوائجكم ، ويتصرفون بها في منافعكم (
أم لهم أيد يبطشون بها ) ، فيدفعون عنكم وينصرونكم بها عند قصد من يقصدكم بشر ومكروه (
أم لهم أعين يبصرون بها ) ، فيعرفونكم ما عاينوا وأبصروا مما تغيبون عنه فلا ترونه (
أم لهم آذان يسمعون بها ) ، فيخبروكم بما سمعوا دونكم مما لم تسمعوه ؟
يقول جل ثناؤه : فإن كانت آلهتكم التي تعبدونها ليس فيها شيء من هذه الآلات التي ذكرتها ، والمعظم من الأشياء إنما يعظم لما يرجى منه من المنافع التي توصل إليه بعض هذه المعاني عندكم ، فما وجه عبادتكم أصنامكم التي تعبدونها ، وهي خالية من كل هذه الأشياء التي بها يوصل إلى اجتلاب النفع ودفع الضر ؟
وقوله : (
قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون ) ، [ قل ، يا
محمد ، لهؤلاء المشركين من عبدة الأوثان : ادعوا شركاءكم الذين جعلتموهم لله شركاء في العبادة ( ثم كيدون ) ، ] أنتم وهي ( فلا تنظرون ) ، يقول : فلا تؤخرون بالكيد والمكر ، ولكن عجلوا بذلك . يعلمه جل ثناؤه بذلك أنهم لن يضروه ، وأنه قد عصمه منهم ، ويعرف الكفرة به عجز أوثانهم عن نصرة من بغى أولياءهم بسوء .