[ ص: 324 ] القول في
تأويل قوله ( وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ( 198 ) )
قال
أبو جعفر : يقول جل ثناؤه لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : قل للمشركين : وإن تدعوا ، أيها المشركون ، آلهتكم إلى الهدى وهو الاستقامة إلى السداد ( لا يسمعوا ) ، يقول : لا يسمعوا دعاءكم (
وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) .
وهذا خطاب من الله نبيه صلى الله عليه وسلم . يقول : وترى ، يا
محمد ، آلهتهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ولذلك وحد . ولو كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم بخطاب المشركين ، لقال : " وترونهم ينظرون إليكم " .
وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في ذلك ما : -
15533 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) قال : هؤلاء المشركين .
وقد يحتمل قول
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي هذا أن يكون أراد بقوله : " هؤلاء المشركون " ، قول الله : (
وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا ) . وقد كان
مجاهد يقول في ذلك ، ما : -
15534 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
[ ص: 325 ] ابن أبي نجيح عن
مجاهد : (
وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) ، ما تدعوهم إلى الهدى . وكأن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا وجه معنى الكلام إلى أن معناه : وترى المشركين ينظرون إليك وهم لا يبصرون فهو وجه ، ولكن الكلام في سياق الخبر عن الآلهة ، فهو بوصفها أشبه .
قال
أبو جعفر : فإن قال قائل : فما معنى قوله : (
وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) ؟ وهل يجوز أن يكون شيء ينظر إلى شيء ولا يراه ؟
قيل : إن العرب تقول للشيء إذا قابل شيئا أو حاذاه : " هو ينظر إلى كذا " ، ويقال : " منزل فلان ينظر إلى منزلي " إذا قابله . وحكي عنها : " إذا أتيت موضع كذا وكذا ، فنظر إليك الجبل ، فخذ يمينا أو شمالا " . وحدثت عن
أبي عبيد قال : قال
الكسائي : " الحائط ينظر إليك " إذا كان قريبا منك حيث تراه ، ومنه قول الشاعر :
إذا نظرت بلاد بني تميم بعين أو بلاد بني صباح
[ ص: 326 ]
يريد : تقابل نبتها وعشبها وتحاذى .
قال
أبو جعفر : فمعنى الكلام : وترى ، يا
محمد ، آلهة هؤلاء المشركين من عبدة الأوثان ، يقابلونك ويحاذونك ، وهم لا يبصرونك ، لأنه لا أبصار لهم . وقيل : " وتراهم " ، ولم يقل : " وتراها " ، لأنها صور مصورة على صور بني آدم عليه السلام .